اخترنا لكنون والقلم

سوريا تنهض من الدمار والرماد

تحمل لنا الأخبار كل يوم تقريبا، تقدما للقوات النظامية السورية، على حساب الجماعات الإرهابية وفصائل «الثورة السورية»، التي شوّهها التدخلُ الخارجي الخليجي والدولي ولوّثها وركّبَ عليها كلَّ وحوش الأرض.

ونقرأ باهتمام وارتياح كبيرين، تصريحات الدكتور محمد المومني وزير الاعلام لبرنامج الجمعة الأسبوعي الشهير على التلفزيون الأردني «ستون دقيقة» التي اكد فيها مجددا، أن استقرار سوريا مصلحة أردنية. وأن العلاقات مع سوريا بدأت تأخذ منحى إيجابيا، بعد الاستقرار الذي بدأ يشهده الجنوب السوري. وإن هذه العلاقات مرشحة لتتطور بشكل أفضل، وان الأردن يتطلع الى مزيد من الخطوات على هذا الصعيد، على قاعدة رفض وجود أي ميليشيات أو تنظيمات إرهابية تحت أي مسمى على حدوده.

ها نحن نغذّ الخطى ونقطع الأمتار الأخيرة، الى خاتمة هذه الحرب العبثية المدمرة، التى محقت سوريا وشعبها، وألحقت بالاقليم أضرارا فادحة ودمارا شاملا غير مسبوق.

الجانب المضيء في هذه المأساة القومية، هو ان الدولة السورية ظلت صلبة وصامدة ولم تنهر، رغم انها تلقت أشد الضربات على امتداد ست سنوات ونصف السنة، لم تتلقها اي دولة في العالم.

الآن، من حق الشعب السوري الحبيب، أن ينعم بالحرية والكرامة والديمقراطية والانفراج، بعدما عانى كوارث وويلات وتهجيرا طيلة سني هذه الحرب العبثية المجنونة الاجرامية.

لقد انتهى وقت القلع وحان وقت الزرع. حان وقت المصالحة الوطنية الشاملة. وقت عودة المهجّرين المشردين الى وطنهم. وقت اعادة البناء ووقت مداواة الجراح والمسح على رؤوس الايتام والثكالى والارامل. انه وقت الصفح لا وقت الصفع. وقت فتح صفحات الوطن واحضانه لابنائه المغرر بهم. انه وقت إعادة النظر في أسباب الثورة التي دفعت الناس الى الشوارع والساحات تطالب بالحرية والكرامة والديمقراطية والتعددية السياسية الحقة.

لقد تم اختطاف الثورة والثوار وتم ليُّ عنق ثورة الياسمين الدمشقي المحقة، والركوب على سرجها والامساك بعنانها وتوجيهها وتبديل أولوياتها، من حركة نضال سلمي جماهيري تراكمي الى عمل عنفي عسكري مسلح منفلت، غير خاضع لسيطرة احد، او هو خاضع لسيطرة جهات عديدة متضاربة الأهداف والمصالح والغايات.

لقد دفعت دول التمويل ووكلاء الحرب العرب بسخاءٍ فائق، فتدفقت مليارات الدولارات لجلب المقاتلين المرتزقة، من نحو 80 دولة، ولشراء السلاح الحديث لهم ودفع الرواتب والرشى، وتوفير قواعد الامداد والاسناد، بتواطؤ وتسهيلات وترتيبات من «الجار التركي» عبر حدوده الجوية والبرية والبحرية الى الأرض العربية السورية.

برهنت الاحداث على ان استقرار سوريا هو مصلحة اردنية ومصلحة عراقية ولبنانية وتركية ومصلحة قومية. كما ان استقرار الأردن هو مصلحة سورية وعراقية وخليجية.

وبينت الاحداث التي مرت بها المنطقة، ان الخلل في منظومة الامن الداخلي لأي دولة، يشكل فرصا ثمينة لعمل قوى التطرف والإرهاب والتهريب والجريمة والمخدرات وتجارة البشر والآثار والنفط وغسيل الأموال.

لقد نسي العالم ما قامت الثورةُ السورية من اجله ! وانهمك هذا العالم في حرب طاحنة على الإرهاب، الذي تسلل من شقوق الحرب على سوريا، وحقق توسعا خرافيا وامتدادا مذهلا وأوقع آلاف الضحايا وتسبب في مآسٍ وكوارث بشرية – مأساة الأيزيديين شاهد – وتكلف مليارات الدولارات.

ويكفي ان نعرف أن سلاح الجو الروسي شن وحده 90 ألف ضربة جوية منذ بدء عملياته في سوريا ضد الإرهابيين منذ عام 2015 الى الآن، حسب تصريحات الفريق أول سيرغي رودسكي رئيس هيئة الأركان الروسية امس الأول.

نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى