نون والقلم

انقلاب الرئيس

بعد سنين، ينشق التحالف بين الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، والحوثيين، والاتهامات هذه الأيام تنهمر بين الجانبين، علنا، في اعلان عن فض التحالف بينهما، في صنعاء حصرا.

هذا يعني ان قوات علي عبدالله صالح العسكرية، والقبائل التي تؤيده، ستخرج من التحالف، فعليا، وهذا يعني ان الحوثيين سيصبحون فرادى، دون أي تحالفات، والكل يعرف ان مناطق جنوب اليمن، ضد الحوثيين،،وليست تحت سيطرة، الرئيس المخلوع والحوثيين.

هذا تطور خطير جدا، في الصراع اليمني، سيؤدي الى خلط الأوراق، وقد نشهد بعد قليل، عدة احتمالات، ابرزها نشوب حرب جديدة، بين جماعة صالح والحوثيين، تصب فوق نار الكوليرا والبلاء في صنعاء، بلاءات جديدة، إضافة الى ان هذا الانشقاق قد يدفع الرئيس المخلوع الى سيناريوهات بديلة، اقلها بعد الاعتراف بخطأ التحالف مع جماعة متمردة في اليمن، ان يسعى للانفتاح ومصالحة اطراف يمنية وعربية، حاربها طوال السنين الفائتة، اذ ليس بمقدوره، أيضا، ان يخوض عدة حروب في وقت واحد، ضد الحكم الشرعي، وضد الحوثيين، وضد دول الجوار.

كما ان الرئيس المخلوع، الذي لم يثبت على أي تحالف طوال عمره، وانقلب على كل تحالفاته، يواجه مأزقا هذه الأيام، ولاتكفيه البراءة من جماعة الحوثيين، حتى يمكن استصلاحه مجددا، على المستوى السياسي المحلي اليمني والإقليمي والدولي.

الفريقان يعودان الى ذات التكنيك، لكن في ظل أوضاع يمنية مأساوية، اذ ان كل فريق يدعو الى المظاهرات، ويقوم بتحشيد أنصاره، وهذا يوطئ لمواجهة اكبر بين الفريقين، ومن الطبيعي ان يخسر علي عبدالله صالح، حين يتحالف مع جماعة متمردة، لاشرعية لها، في الأساس، وتمثل وجها لاطماع إقليمية، وهنا، علينا ان نسأل عن الذي ستفعله طهران إزاء المشهد الجديد، بعد ان امضى صالح السنوات الفائتة، وهو يمجد الإيرانيين، ويراعي كل حساباتهم في اليمن، عبر التحالف مع الحوثيين.

هذا خلط للأوراق، سيكون له اثر كبير، على الداخل اليمني، إضافة الى البعد الاقليمي لكنه يثبت ان الفوضى اليمنية لايمكن لها، ان تثمر شيئا إيجابيا، ومن الطبيعي جدا، ان ينقلب الحلفاء على بعضهم البعض؛ لان هذه التحالفات في الأساس غير شرعية، اذ كيف يمكن لنظام رسمي عربي سابق، ان يتحالف مع جماعة عسكرية متمردة، بهدف استسقاء الدعم من عواصم إقليمية، ويظن ان بإمكانه النجاة حتى النهاية؟.

تعقيدات المشهد اليمني، كبيرة جدا، لكن هذه التعقيدات وصلت الذروة اليوم، بهذا الانفجار المفاجئ للعلاقات بين علي عبدالله صالح والحوثيين، وهو انفجار طبيعي جدا، لكن الغرابة تتبدى حول قدرة رئيس سابق في الأساس، على التحالف مع جماعة متمردة، مرتبطة بعاصمة إقليمية غير عربية، ولعل السؤال اليوم، حول ما اذا كانت ستهرع طهران، من اجل رأب الصدع بين الفريقين، ام انها سوف تنقلب حساباتها، امام ماتواجهه جماعة الحوثيين، بعد اليوم، بعد ان بات مطلوبا رأسها من كل الجهات؟.

هذه فرصة لاتتكرر أيضا، لاطراف كثيرة، من اجل تثبيت الرئيس اليمني المخلوع على موقفه الجديد، ولابد ان نعترف هنا، ان الوصول الى تسوية بين الفرقاء اليمنيين، بمن فيهم النظام السابق، سيؤدي الى انهاء جماعة الحوثيين، وإعادة ترتيب كل الأوراق في اليمن، لكن الاستخلاص الأصعب، يتعلق بمن يأمن الرئيس اليمني مجددا، وقد انقلب سابقا، وحاليا، على كل حليف واجهه، في سياق السعي نحو السلطة مجددا؟.

قد يعبر هذا الانشقاق، عن تقديم الرئيس المخلوع أوراق اعتماده مجددا، للنظام الإقليمي العربي، والدولي، لكن لااحد يعرف، كيف ستجري إعادة خلط الأوراق مجددا، في اليمن، مادمنا، امام مفترق طرق، قد يأخذنا الى انهاء الجماعات المتمردة، وتسوية الأمور في اليمن، او نشوب حرب إضافية، تزيد الدموية، وتؤجج العنف اكثر؟

نقلا عن صحيفة الدستور الأردني

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى