بعيدا عن اي خطاب يمكن وصفه بالقومجي او الراديكالي او الخشبي من حقنا ان نتساءل عن عدد العرب الذين يجهرون بالقول: ان اسرائيل لم تعد عدوا، او الذين استقالوا من هويتهم وتاريخهم واصابهم وباء الزهايمر السياسي.
انهم حتى لو بلغ عددهم عشرة ملايين ليسوا الثلث مليار الذي يمتد بين الماء والماء وبين الدم والدم، وبين فلسطين وفلسطين، وتلك نسبة اطلق على امثالها جان بول سارتر في اربعينيات القرن الماضي واثناء احتلال المانيا النازية لبلاده نسبة الشواذ التقليدية في كل المجتمعات والاوطان .
بالطبع سيقول لنا هؤلاء ان الديموقراطية تتيح لهم كل هذا الاختلاف حتى لو بلغ نخاع الامة، وهنا نذكرهم بأن الديموقراطية لا يمكن اختزالها الى موقف او خيار واحد، فهم لم يمارسوا ادنى الحراكات الديموقراطية، ومنهم من لم يذهب طوال حياته الى صندوق اقتراع، فهل اختصر بعض العرب الديموقراطية الى الحق في الخيانة والتأقلم مع الاحتلال والانتهاك الذي شمل كل شيء ؟
الامر يشبه فتاة لم تلثغ طوال عمرها بالديموقراطية، ولا تعرف عنها شيئا وقد تراها من خلال ثقافتها الاستهلاكية نوعا من المعجنات، لكنها حين تتأخر خارج البيت طيلة الليل وتطرق الباب وهي في حالة دوار عند الفجر تجيب اباها او امها اذا سألاها اين كانت؟ بأن مثل هذا السؤال ينتقص من حريتها ومن حقوقها وان الاب والام ليسا ديموقراطيين !!
فأية مفارقة تاريخية تلك التي جعلت بعض العرب يأخذون من الديموقراطية على امتداد تاريخها منذ الاغريق قبل خمسة وعشرين قرنا حتى اليوم مجرد حقهم في خيانة اوطانهم والتسامح مع اعدائهم ؟؟
وقد عرف التاريخ العربي الذي راوح بين السقوط والنهوض والانحطاط والتقدم سلالة من العلاقمة الذين فتحوا ابواب الاسوار لغزاة بلادهم لكنه لم يغفر لهم بل حوّلهم الى امثولات، فهل كل ما تعلمّه العلاقمة الجدد من الديموقراطية هو حق الخيانة الوطنية، والتواطؤ ضد ابناء جلدتهم ولعق الغبار عن بساطير غزاة اوطانهم ؟؟
57 دقيقة واحدة