أرسل وزير الخارجية الأميركية تيلرسون شخصين للوساطة، جنرالاً ودبلوماسياً، ولم يقل لنا ما هو شكل الوساطة ونوعها، ولكننا نراها تتقاطع مع التحرك الكويتي الذي يقال إنه تجديد للوساطة.
وفي مقابل الوساطات التي لا لون ولا طعم ولا رائحة لها تزداد الغطرسة القطرية، فهم يعتقدون بأن التوسط يعني انتصاراً لهم، مجرد تحرك شخص حاملاً رسائل، أو تنقل مسؤولين بين دول الأزمة له مفهوم آخر عند الدوحة، إنهم يظنون أن هؤلاء ليسوا مؤيدين للمطالب المقدمة إليها.
فيردون على تلك التحركات والمحاولات لإيجاد مخرج لهم وليس لغيرهم بتصريحات لسفرائهم في عشرات الدول، ولا يخجلون من العرض علانية وأمام أنظار العالم للرشاوى بصيغة شراكات تجارية ومشاريع استثمارية، مليارات تعرض على دول لا قيمة سياسية أو اقتصادية لها.
ولكنها اللعبة الإخوانية المعهودة، محاولة إحداث تشابك دولي تختلط فيه المواقف بالمنافع والمصالح، إنه الهروب إلى الأمام، اعتقاداً منهم بأن تعدد الأطراف، واتساع دائرة التدخلات، قد ينسيان العالم القضية الأساسية، فهم ومنذ بداية الأزمة استماتوا من أجل إظهار أنفسهم كطرف ضعيف تكالبت عليه أربع دول، ثلاث منها تجاورها وتستطيع أن تخنقها، والرابعة هي أكبر قوة عربية بشراً وجيشاً.
ومثلت دور الضحية، وجال مبعوثوها العالم كله، وخسروا تلك المعركة، فالإرهاب قد التصق بهم، والتدخلات في شؤون الدول أصبحت سمة من سماتهم، والمال القذر يزكم أنوف الدول والعواصم في شرق آسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا وأوقيانوسيا.
ولم تنفعهم علاقاتهم المشبوهة، ولم يشاركهم أحد في مأساتهم المفتعلة، وخابت مساعيهم، فالأصابع كلها كانت تشير إلى قطر ومن يمثلونها بالعودة إلى مكانها والبحث عن المسامحة عند أصحاب القضية بعد أن تقدم لهم كل الضمانات، ولم تفعل ذلك، ووجدت في زيارة الجنرال والدبلوماسي فرصة، وعززت اعتقادها بالتحرك الكويتي الجديد، فاسترجعت بعضاً من طبيعتها المخادعة.
لقد انتهت الوساطات قبل شهر، ولم يعد هناك غير الموافقة على كل المطالب المقدمة من الدول الأربع إلى الدولة الشريرة، وغير ذلك هو ما نراه واقعاً أمامنا، نحن في طريق وهم في طريق آخر، وكفى الله المؤمنين شر القتال.