وساطة جديدة، ماذا ننتظر منها؟ من أراد الإجابة فليبحث عن «بلورة سحرية» يجلس خلفها دجال يدعي معرفة الغيب وأسراره، أو يسأل عن عجوز غجرية في بلاد الشمال، لترمي له الودع، وتكذب عليه، فعند غير هؤلاء لن تجدوا تفسيراً أو توضيحاً للأسباب التي أعادت الحديث عن الوساطة في الأزمة القطرية، خاصة بعد أن تحركت الرسائل بين عواصم الأزمة، فلا شيء في الأفق غير الضباب، وقطر سعيدة بدور الضحية الذي تتقمصه، ولم يعطنا أحد مؤشراً واحداً على تغيير موقفها.
كل صاحب جهد يشكر على ما يبذل، قلنا ذلك يوم توافد وزراء خارجية الغرب، من ألمانيا إلى فرنسا إلى أميركا وبريطانيا، وقلنا مثله للرئيس التركي، وكنا حينها نعتقد أنهم سيتوسطون، ثم اكتشفنا أنهم جاؤوا ليسمعوا الحكاية فقط، وكأنهم لا يعرفون ما الذي حدث وما زال يحدث، ما عدا الأخير، وهو أردوغان الذي جاء منحازاً وعاد كذلك، ويحاول أن يستفز الدول المقاطعة لقطر في ظل الأزمة عبر ما سمّاه بالتدريب المشترك، في استعراض صبياني لم تلتفت له دولنا، وهذا التصرف يذكرنا بأفعال الإخوان عندما يشتد الضغط عليهم، ولكن الفرق بين أردوغان رئيس تركيا وأردوغان الإخواني كبير، وكان على الرئيس أن يكون أكثر عقلانية في منطقة تشهد توتراً، فهو إن كان يلوح بالقوة فنحن لا نخشى قوته، ولا نهابها، لأننا نملك الرادع، وقد اعتبرنا قواته ضيوفاً على منطقتنا، أما إذا كان أردوغان يعتقد أنه بوقوفه في صف قطر سيغير نتائج المقاطعة فهو مخطئ من رأسه وحتى أخمص قدميه، فالدولة الشريرة ما عاد لها وجود بيننا، وهي مخيرة ما بين التخلي عن الشر أو الارتماء في أحضانه وأحضان الإيرانيين، وشر قطر يبدأ من التحالف مع الإخوان وما يتبعهم من تنظيمات إرهابية، ولا ينتهي في إسطنبول، بل يتعداها إلى نصف الأمة العربية الذي دُمر بفعل تحالفهم، والتخطيط المتواصل لتدمير النصف الآخر، ونحن، السعودية والإمارات ومصر والبحرين نمثل النصف الآخر، وما قاطعنا قطر إلا لهذا السبب، حتى نحفظ أمننا، ونجنب بلادنا الخراب وشعوبنا التشرد.
إن كانت هناك وساطة فالطريق إلى قطر ما زال مفتوحاً، وهي المعنية بإنهاء الأزمة، أما نحن فلن نساوم على سلامة أوطاننا.