دماء شهدائنا لن تذهب سدى، وتلك الأرواح التي فاضت إلى بارئها يوم أمس ستبقى خالدة في هذا الوطن، وستكون مشاعل حق تنير طريق النصر.
صحيح أننا فقدنا بالأمس 45 جندياً من خيرة أبناء هذا الوطن، ضمن عملية إعادة الأمل في محافظة مأرب باليمن، وصحيح أن قلوبنا تعتصر ألماً لهذا الحدث المحزن، لكن أرواحنا تنضح بالفخر والاعتزاز بشهدائنا الأبطال وبتضحياتهم الكبيرة، وعقولنا وألسنتنا لا تردد إلا عبارات الحب والولاء لهذا الوطن الغالي، ولقادتنا الذين يقفون مع الوطن والشعب في السراء والضراء. ومن يعرف قواتنا المسلحة وبأسها وشدتها وتنظيمها وتطورها، يدرك أننا منتصرون في اليمن، وأن عودة الشرعية لليمن أمر لن يطول، وأن تحرير مأرب من يد المليشيات لن يكون بعيداً، فثقتنا بجنودنا كبيرة، وثقتنا بقيادتنا بلا حدود.. وثقتنا بالتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في هذه العمليات الحازمة، كبيرة.
ما حدث بالأمس لن يثني الإمارات وقوات التحالف العربي عن الاستمرار في أهدافها، بل سيزيدنا إصراراً وثباتاً على المضي في طريق إزاحة الظلم والضيم عن الشعب اليمني، وهذا ما أكده سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وتطهير اليمن من المليشيات الانقلابية والعدوانية هدف لا يمكن التراجع عنه، فاليمن الذي استغاث بأشقائه لن يعود خائباً.
أولئك الجنود الذين استشهدوا بالأمس، وإخوانهم الأبطال المرابطون في اليمن، يدركون أنهم لا يسعون لمجد زائل، ولا لانتصار باهت، وإنما يعملون من أجل قضية إنسانية عادلة، ومن أجل شعب عانى طويلاً، وأصبح من حقه أن يعيش في أمن وأمان وخير. كما يدركون أنهم السد المنيع أمام الأعداء الذين يتربصون بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج، ويسعون لتصدير الفوضى إليها، ولولا أولئك الأبطال على تلك الأرض، ولولا عاصفة الحزم، لكان وضع منطقتنا اليوم مختلفاً.. ولأن أولئك الرجال يدركون ماذا فعلوا ويفعلون، فإنهم يحملون في قلوبهم إيماناً كبيراً بالانتصار.
لقد كان يوم أمس يوماً ملحمياً بكل تفاصيله، ابتداء من استقبال خبر استشهاد جنودنا البواسل في اليمن، مروراً بطريقة تفاعل وتجاوب المواطنين مع هذا المصاب، وانتهاء بجمع تبرعات بلغت أكثر من نصف مليار درهم لمساعدة الشعب اليمني ضمن حملة (عونك يا يمن)، فقد أثبت أبناء الإمارات أنهم يمتلكون من الوعي والروح الوطنية والولاء والانتماء، ما يجعل هذا الشعب العظيم قادراً على التعامل مع هذه الأحداث الكبيرة، وقدرته كذلك على إغاظة العدو، بعدم استسلامه أو تراجعه عن تحقيق أهدافه.
عظيم أنت يا شعب الإمارات بمواقفك، وصدق من قال إن معادن الرجال تظهر في الشدائد، وما شهدناه بالأمس من تلاحم وطني كبير، لا يشبه إلا تلك الوقفات التاريخية التي وقفتها الشعوب على مر التاريخ مع أوطانها في وقت المحن، فصنعت أوطاناً عظيمة لها تاريخ عريق وإنجازات خالدة.
كل من يعرف والد شهيد أو والدة شهيد أو زوجة شهيد أو أبناء شهيد أو أشقاء أو شقيقات شهيد، فليبلغهم منا التقدير والاحترام، وليبلغهم أن مصابهم هو مصابنا، وليبلغهم أن من استشهدوا هم قطعة من جسد هذا الوطن، وليقولوا لهم أن ألمهم هو ألمنا، وليعرف أهالي الشهداء أن أبناءهم ساروا في موكب الفخر والخلود. تحية لجنودنا البواسل المرابطين في أرض المعركة، ورحم الله شهداءنا الأبرار.
نقلا عن صحيفة الإتحاد