كلنا نعرف الإدمان.. إدمان المخدرات أو الكحوليات أو الأدوية، ونعرف أضراره ومتاعبه وتأثيراته السيئة على المدمن والمحيطين به، وكم من بيوت هدمت وزيجات فشلت بسببه، ولكن يوجد أيضا نوع آخر من الإدمان ربما لا يكون بنفس الخطورة، لكن خطره يؤثر على صاحبه فقط ولايمتد للآخرين أيضا إنه إدمان «الإهتمام».
يوجد العديد من الأشخاص الذين لا يستطيعون العيش بدون إهتمام بدون إحساسهم بأهميتهم فى حياة الآخرين، وليس شرطا أن يكون هذا الإهتمام نابع من علاقة حب أو بداية لقصة حب وإرتباط ولكن يمكن أن يكون الاهتمام بدافع الصداقة أو القرابة أو الزمالة، ولكن العكس ليس صحيحا فأى قصة حب لابد لها من وجود إهتمام بالشخص وكل تفاصيله وحياته وكما قال نزار قبانى « إذا كنت تريد أن تحب فلابد أن تحمل أولاً حقائب الاهتمام » وهو ما قاله معظم الشعراء والمحبين.
وهذا هو الفرق بين الرجل والمرأة فالرجل عندما يحب يتخيل أنه كلما غلا ثمن ما يقدم كلما شعرت حبيبته بحبه وإهتمامه أما المرأة فترى أنه كلما تذكر من تحب مناسبة ما أو مشاركتها فى شىء تحبه أو تقديم هدية بسيطة فى ذكرى هامة لها أو حتى الاتصال بها والسؤال عنها ولو لدقائق كلما كان لها ذلك أغلى من أى شيئ أخر حتى ولو كان سعره أضعافاً مضاعفة.
الإهتمام يا سادة.. كلمة لها مفعول ساحر، الإهتمام فى العمل بين العاملين ينشر جو من الألفة والعلاقة الصحية بين المتعاملين معاً الذين يقضون وقتاً طويلاً فى مكان واحد ولا يكلف الناس شيئاً إلا كلمات قليلة وأفعال بسيطة لا تأخذ من الوقت ولا الجهد إلا القليل.
الإهتمام بين الاصدقاء يقوى أى علاقة صداقة حتى ولو لم تكن منذ زمن طويل وتقوى من إرتباطهم حتى وإن لم يلتقوا لفترات طويلة وتساعدهم على نسيان أى تصرف قد يؤثر فى صداقتهم على المدى القريب أو البعيد.
الإهتمام بين الزوجين لايكلفهم شيئاً، ولكن المردود على أسرتهم وأولادهم يكون كبيراً، فتذكر كل منهم لعيد ميلاد شريكه أو عيد زواجهم هدية بسيطة تقدم تغلفها إبتسامة تشع حباً وحناناً لا تكلف شيئاً كلمة بسيطة عند تعب الزوج أو الزوجة فى العمل أو المنزل لا تكلف شيئاً ولكنها كفيلة بإخراج الشخص من أى حالة نفسية سيئة وإحساسه بأن من معه مهتم به ويحس بتعبه ويتمنى راحته.
أما الشخص الذي يدمن الإهتمام فهو لايشعر بأى طعم للدنيا فى حالة فقد هذا الاهتمام من المحيطين فيمكن أن يكون لا يعيش قصة حب، ولا يريد ولكنه يعشق إهتمام المحيطين به وسؤالهم عنه الإهتمام العام، وليس الإهتمام المقصود منه بداية لقصة حب أو علاقة من أى نوع الاهتمام للتواصل فقط ويشعر بحالة إيجابية وترتفع حالته النفسية وإنتاجيته فى حالة شعوره بذلك.
إدمان يمكن أن يكون غريباً ولكنه موجود ويؤثر على الشخص، يمكن أن لا يؤثر على مجتمع أو عائلة أو يهدم أسرة، لكنه كفيل بأن يجعل الفرد يشعر بحالة حياد، وعدم الرغبة ولا التطلع لأى شىء فقط العيش وكأنه غير موجود.