عادة عندما يختلط الفني بالسريالي تختفي الأناقة الرفيعة تحت طبقات من المبالغة المسرحية، لكن ليس في حالة المصممين فكتور هنو نورسينغ ورولف سنورين.
فهذا الثنائي يعشق الشطحات السريالية، وبحكم ممارسته الدائمة لها أصبح يتقنها إلى حد أنها تصل إلينا بلغة سلسة ومفهومة لا تحتاج إلى تفكيك أو تفكير طويل. هذه المرة لجأ إلى طريقة طريفة لإيصال رسالتهما إلى نساء العالم. أخفيا وجوه عارضاتهما تحت رؤوس مصنوعة على شكل دمى بحجم كرة السلة أو أكبر، تم رسم عيونها وشفاهها بأحجام ضخمة. كانت تبدو كاريكاتيرية وفي الوقت نفسه قريبة من القلب.
التفسير الذي قدمه رولف سنورين عندما سئل عن هذه الدمى أنه وشركه فكتور شعرا «أن الواقع أصبح غريبا في الوقت الحالي، لهذا تساءلنا لمَ لا نعرض الجانب السريالي لهذا الواقع؟». أضاف أن هذه الدمى تحارب من أجل عالم أفضل من خلال تقنية «الباتشوورك» التي ظهرت في كثير من القطع. فهي ترمز إلى مفهوم الوحدة، حسبما أكده الثنائي بقولهما إنهما «يحتفلان بعالم يشجع على الإبداع والتنوع وأيضا بالموضة المستدامة». هذا الاحتفال عززته ألوان الدمى التي تباينت بشراتها، بين الأبيض والأصفر والأسود، لتعكس هذا التنوع وضرورة معانقة كل الأجناس والثقافات.
أرسل المصممان هذه العارضات برؤوس الدمى في 20 إطلالة، كان الجينز المعالج والجاكيتات المنفوخة، بعضها بعدة كشاكش عند الأكتاف والأكمام، هي الغالبة عليها. بعضها جاء مبطنا بلون براق مثل البرتقالي أو الأزرق فيما تمايلت التنورات الطويلة أحيانا بكشاكش، لتؤكد أن الحرية وسهولة الحركة كانتا على بال المصممين.
ولأنهما نسقا كل إطلالة مع أحذية «دوك مارتنز» عوض أحذية بكعوب عالية، فإن حركتهن زادت خفة إلى حد أنهن أعطين الإيحاء بأنهن يحلقن في الهواء. 20 قطعة ألهبت عاشقات «الإنستغرام» لما منحته لهن كل إطلالة من صور رائعة ومناسبة جدا للنشر، قبل أن ينتقل المصممان إلى تقديم الفصل الثاني. كانت الأزياء فيها هي نفسها، وكل ما في الأمر أنه تم تخليص العارضات من رؤوس الدمى الضخمة حتى يتمكن الحضور معاينتها من زاوية مختلفة. فالمصممان كانا يعرفان أن الانتباه كله سينصب على رؤوس الدمى وما تخلقه من خدع بصرية تؤثر على المشية والأزياء، على حد سواء. وكانا على حق، فعندما عادا بنا إلى أرض الواقع، أعطيانا فرصة ثانية للاستمتاع بالأزياء من زاوية جديدة جعلتنا نتذوق بنطلونات الجينز المطرزة أكثر، ونُقدر أناقة وعملية الجاكيتات الطويلة والأقمشة المستعملة التي عالجها المصممان بتقنيات يابانية مبتكرة. فهي أقمشة مدورة أعيدت صياغتها لتبدو حياكتها في بعض الحالات وكأنها تطريز.
تستخلص في نهاية العرض بأن الوسيلة غريبة وطريفة إلا أن الغاية منها هي وصول كل قطعة من هذه القطع إلى نساء العالم للاستعمال اليومي. فهي مصنوعة باليد في معامل المصممين الهولنديين لتناسب موسم الـ«هوت كوتير» ومتطلباته لكل ما هو فريد ومميز. وأيا كان تأثير صورة الدمى المتحركة، فإن الإحساس الذي خلفته كان دافئا يؤكد عبقرية المصممين وفنيتهما، لا سيما أن جنوحهما للسريالي كان متوقعا. كما أن هذه ليست أول مرة يستعملان فيها مثل هذه الإكسسوارات، إذ سبق واستعانا بدمى روسية سابقا. الفرق أنهما لم يذهبا من قبل إلى هذا الحجم.