نون والقلم

الانتصار على الإرهاب منجاة لقطر من نفسها

ثمة ارتباك غربي -أمريكي في التعاطي مع أزمة قطر مع الدول الخليجية الثلاث ومصر، يعبّر عن مخاوف غربية بما فيها الدول التي اكتوت بنار الإرهاب على أراضيها في أوروبا من فقدان مزايا اقتصادية إن هي التزمت بالموقف الخليجي الصحيح. ولعل التأييد الذي عبّرت عنه بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة للوساطة الكويتية يشي بشيء من الحيادية أو التملّص من اتخاذ موقف حازم من قطر، ما دفع الأخيرة إلى التلاعب بالألفاظ والاستخفاف بالمطالب وكأنها تمس السيادة القطرية، بينما هذه الدول الأربع هي التي تطالب بحماية سيادتها من التدخلات القطرية في شؤونها الداخلية وليس العكس.

الموقف الأمريكي أظهر تبايناً بين موقف البيت الأبيض الذي دق ناقوس الإنذار من التمويل القطري للإرهاب، وموقف الخارجية التي بدا وكأنها لا تعلم بالتفاصيل، وأصدرت بيانات ذات طابع مائع ومحايد، وكأن الاستراتيجية الأمريكية القديمة ومؤسسات الدولة العميقة هناك لم تنسجم بعد مع سياسة سيد البيت الأبيض الجديد. ومن مظاهر هذا الارتباك إبرام صفقة طائرات مع الدوحة وان كانت ضمن عقود سابقة ، وكأن وزارة الدفاع الأمريكية ترفع من معنويات قطر مثلما فعلت الخارجية ببيانها المائع. التمسك الغربي بالوساطة الكويتية فيه الكثير من المقاصد الغربية، لأن هذه الدول تريد التملّص من اتخاذ موقف متشدد تجاه قطر أولاً ولأنها تريد الحفاظ على مصالحها الاقتصادية لدى الدوحة، وتخشى الدول الغربية أو بعضها أن هذا سيلقي بقطر في الحضن الإيراني ما يعقّد الوضع في الخليج العربي مع انغماس قوى إقليمية في الأزمة بشكل أكبر.

الدول الأربع ذات الصلة عرفت الآن حقيقة المواقف المتفاوتة من الأزمة، ولا نظن أنها ستتسامح مع من تخاذل في دعمها في مواجهة الإرهاب ومخططاته، طالما أن الأزمة مرشحة للاستمرار، لأن المواقف المترجرجة تعطي للدوحة أملاً في كسر الدول الأربع مقاطعتها، وهذا محض خيال، لأن الخذلان من الآخرين لا ينتقص من حقها في اتخاذ أي خطوات ضمن القانون الدولي تجاه قطر لاحقاً، ولا يمنح التصلب القطري شرعية ذات أساس. بالطبع لا أحد يريد لهذه الأزمة أن تستمر، لكن المقاطعة إنما جاءت بعد استنفاد كل الوسائل لإعادة مجلس التعاون إلى تماسكه ووحدة أهدافه، وليس لشقّه وتفتيته.

الرهان القطري على تردد بعض المواقف الغربية وحتى الأمريكية هو رهان خاسر في النهاية، لأن المياه البعيدة لن تطفئ النار القريبة، ولأن الوساطة الكويتية هي السبيل الأمثل، والاستجابة لها هي أقصر الطرق لتفكيك الأزمة وحلّها، فالعناد ليس حلاً، لأن الدول المقاطعة تعتبر أن ردع قطر عن الإرهاب ضدها هي معركة مصيرية وطنية لحماية نفسها وشعوبها وليست موضع مساومة.

ليس هناك ارتباك في مواقف الدول الأربع، وقد يزداد عددها لاحقاً في مؤتمر المنامة اللاحق.

كابوس الإرهاب ليس محض خيال والتخلص منه هو انتصار للجميع. وفي الأزمة الحالية ليس هناك منتصر ومهزوم لأن الانتصار على الإرهاب هو انتصار للجميع ومنجاة لقطر من نفسها. والله من وراء القصد.

 نقلا عن صحيفة الخليج

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى