وصل جونسون، وخلفه سيكون تيلرسون، الأول وزير خارجية بريطانيا العظمى، والآخر وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، ويقال إنهما سيتوسطان في أزمة قطر.
نتمنى ذلك، أن يكونا وسيطين وليس طوق نجاة، فهؤلاء كانوا على إطلاع تام منذ بداية الأزمة، بل وقبلها، فأجهزتهم الخاصة والعامة ترصد كل شيء، وقد تحدثت عن الدور المشبوه لقطر، منذ أحداث ليبيا، التي انتهت باغتيال السفير الأميركي، إلى دهس المارة في «وستمنسر».
ومحاولة اقتحام البرلمان في لندن، وما جمعت من أدلة لعشرات الوقائع حول العالم، ومع ذلك لم يتحركا للتوسط، واكتفى الوزير الأميركي في مناسبات عدة بالتقليل من الخلاف القائم، وأدلى بتصريحات تناقض مواقف رئيسه، ولا ندري إن كان هو قادم إلى المنطقة لتصحيح موقفه أم سيطرح حلاً يحقق مصالحه على حساب مصالح الدول المقاطعة لقطر.
والوزير البريطاني أيضاً لا نراه يحمل شيئاً، فالذين مكنتهم قطر من قيادات الإخوان والتنظيمات الإرهابية الهاربين من الجرائم امتدادهم هناك في بريطانيا، إرهابهم يدار من هناك، وحمايتهم توفرها السلطات هناك، ومساحات التحرك والتخطيط مع كل المتطرفين والإرهابيين مُنحت لهم من هناك.
وما زالوا يصرون على أن تلك التنظيمات ليست إرهابية، فقط لأنها تأسست على أيديهم، وتربت تحت أنظارهم، وهذه الازدواجية في مفهوم الإرهاب والتطرف، وانتقاء من يحلو لهم، هي التي جعلت المدن البريطانية أهدافاً للوهم المسمى «داعش».
الوزير الأميركي يتحدث عن أولوية بلاده، وهي محاربة الإرهاب والتطرف، ولا يهمه ما بعد ذلك، لا يهمه الذين يقتلون ويصيبون أكثر من 60 جندياً مصرياً في «رفح»، ولا يهمه تفجير وقتل رجل أمن في «المسورة» السعودية، أو «الدير» البحرينية، ولا تلفت نظره أسلحة ثقيلة وصواريخ تصل إلى يد الحوثيين، ويرفض حتى الآن وضع أغلبية التنظيمات الإرهابية في قوائم الإرهاب.
الأزمة القطرية غير قابلة للتفاوض، وليست معروضة على طاولة المساومات، نحن لسنا في مزاد علني، ولكننا نقف أمام مفصل تاريخي، فهذا أمننا وسلامة أوطاننا، لن نتنازل عنهما، ومن أراد أن يكون وسيطاً فعليه أن يحقق هذين المطلبين.
أما من أراد أن يكون طوق نجاة لنظام إرهابي فلا نقول له غير تجربة ذلك في مكان آخر، أقصد في بحر آخر غير بحرنا هذا، فنحن لم نتخذ المواقف من أجل مكاسب سياسية، وليت جونسون وتيلرسون وغيرهما يفهمون ذلك.