حالة القلق والترقب والانتظار التي نعيشها اليوم تذكّرني بالسادس عشر من يناير 1991.
يومها كانت المهلة الممنوحة لصدام حسين تنتهي، وكان المطلوب منه دولياً أن يعلن انسحابه غير المشروط من الكويت، وأن تبدأ قواته فعلياً بالانسحاب في اتجاه الأراضي العراقية، وكان البديل هو الحرب، حرب التحرير.
يومها انتهت المهلة بتوقيتنا المحلي ولم يحدث شيء، وكان الصوت العالي المستأجر من المتحزبين والمرتشين قوياً في بعض الدول، وكان الرهان على شقّ الصف الدولي مرتفعاً، وكاد الناس أن يصدقوا ذلك عندما انقضى التاريخ المحدد ولم يوافق صدام على الرحيل، وفي الوقت نفسه لم تتحرك قوات التحرير المحتشدة.
كنا ننظر إلى ساعاتنا، وكان العالم يحسب الأيام حسب توقيته، ومع فجر السابع عشر من يناير أزيح القلق، وتلاشت الأصوات، ولم نسمع غير هدير الطائرات والدبابات.
الحمد لله أننا اليوم لا ننتظر هديراً أو «أزيزاً»، ولا نتمنى أن يحدث ذلك، بخلاف ما قاله وزير الدفاع القطري من أن بلاده جاهزة لكل الاحتمالات ومنها العسكرية، فبلادنا ليست «هوائية» تطلق الكلام على عواهنه.
وليست «عنترية» تلوّح بسيفها في وجه الشقيق، حتى وإن شذ ذلك الشقيق عن طريق الحق والعدل، وحالة القلق التي أتحدث عنها تنحصر في الرغبة المخلصة لإنهاء «أزمة قطر» مع محيطها، فالغالبية من أبناء الخليج ينتظرون حلاً يعيد الأوضاع إلى سابق عهدها، خوفاً من التداعيات اللاحقة إذا ركبت قطر رأسها.
خاصة بعد كم التحليلات والتوقعات التي يطلقها أصحاب الجيوب المفتوحة للدولارات، أولئك الذين ينعقون كالغربان، ويدقون المسامير في جسد مجلس التعاون وأمن واستقرار الخليج، وهم فئة لها مصالح في كل ما يحدث وستزيد أرباحها عند تأجيج الخلاف.
علينا أن نهدأ، وننتظر، فالقرارات التي اتخذناها ضد قطر توفر الحماية لدولنا الثلاث هنا في الخليج، من مياه إقليمية إلى أجواء كلها أقفلت في وجه الأخطار التي تأتي من هناك، من أرض اجتمع فيها الإرهاب بكل أشكاله.
وعدم موافقة قطر على شروطنا للمصالحة تعني أن الإجراءات الاحترازية مستمرة، وما سيتبعها من قرارات متروكة لأولياء الأمر، فهم من يرون الصورة الكاملة، ونحن معهم في كل ما يتخذونه لمنع الإرهاب من التسلل إلى خارج قطر.