اخترنا لكنون والقلم

22 سنة و48 ساعة

الصبر وحسن النوايا هما سلاح الدول المقاطعة للحكومة القطرية، والعقلاء الواعون يعرفون أنهما سلاحان طال استخدامهما وتغليبهما وتقديمهما على الانحرافات في السلوك السياسي القطري.

نقرأ السلاحين بالطبع من استجابة الدول الأربع لتمديد المهلة الخاصة والمقدمة للحكومة القطرية كي تراجع غموض موقفها من الأزمة المشتعلة. التمديد كان لـ 48 ساعة وذاك استـــجابة لطلب وساطة كويتية، وهــنا تقديرٌ للوسيط وتقدير مصـــاحب للشعب القطري الذي لم يذنــب بلا شــك لكنه يتذوق مرارة وحرقة التفاف سلطته وتغافلها وتلاعبها وتآمرها لما ساهم في الضرر والوجع والطعن للأشقاء وأمنهم.

في هذه الاستجابة الرباعية دليل صريح على حسن النوايا على رغم كل الجراح التي خلفتها السياسة القطرية المراهقة في التعامل مع الملفات الشائكة. ورافق هذه المراهقة مسلسل طويل في النزوح إلى الشر وارتكاب أخطاء لا يمكن وصفها سوى بالأخطاء القاتلة.

التنظيم القطري يعاني على مختلف الصعد ومعتاد على المراوغة، وكل ما حلم به البيت الخليجي أن يكون في هذا التنظيم رجل رشيد يتمكن من إيقاظ الضمير القطري الذي نام طويلاً وخان كثيراً وكان يتلذذ ببيع الأشقاء وحكايات التمرد، ولعله في المنعطف الأخير يتمكن وينحاز إلى التفريق بين مصالح شعبه المغلوب على أمره ومصالح العمائم والمرتزقة والسابحين في المال القطري وأوهام الإخونج وطموحات الخلافة.

لعل الدوحة في فرصتها الأخيرة تقسو على الأوصياء عليها لتخرج من دوائر الصفر التي تشـــبثت بها طيلة مشوار السخونة في الأزمة. كانت على خط الصفر في ما يتعلق بالتجاوب وعلى خط الصفر في الحوار وعلى الخط الصفري ذاته في العقلانية والثقة، وكل هذا بسبب أن شيوخ قطر رأوا انفسهم خارج السرب الخليجي وآمنوا بأن تدوس مصالحهم المضطربة على روابط الدم والأخوة والجوار والمصير المشترك.

هكذا كان تفكيرهم يقودهم وساعدهم في ذلك فريق عمل لا تعنيه قطر ولا يهمه على الإطلاق ما اذا كان الحفاظ على قطر خطاً أحمر ام لا، بل هم يقتاتون على مكاسب استخدام قطر كورقة سياسية والعبث بها حد الممكن.

الصبر لـ 22 عاماً من التذبذب القطري والارتماء الصريح والمستتر في أحضان الأعداء وعــشاق صب الزيت على النار في الوســط الخليجي صبر بلغ حده قطــعاً، والدوحة أمام فرصة لا أظنها ستتــكرر نحو العودة للعائلة الخليجية والتخلص من شيطان التفكير الذي قادها إلى استبدال الحاضنة الخليــجية بالمزاجات السياسية المتقلبة والمشجعين لها على التآمر والتخاذل والضاحكين عليها بكونها ذات وزن وحــجم سياســيين يفوقان الوصــف ويخولانها ممارسة السياسات الخطرة وارتداء عباءات ليست لها واتقان لغات طارئة ودخيلة لم تكن لتتعلمها لولا أنها أقْنِعت أو اقتنعت بأن العلاقات المشبوهة والعضلات المستعارة وعزل المصلحة الوطنية على حساب الحماس الأيديولوجي تشكل في مجملها خرائط الطريق نحو دولة جديرة بالتقدير والاحترام والسيادة المستقلة.

نقطة الختام أن الـ ٤٨ ساعة هي لقطة الختام ربما، إلى أن تستيقظ قطر!

نقلا عن صحيفة الحياة

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى