العالم كله يترقب، فنحن لا نعيش في كوكب خاص بنا، ومنطقتنا ليست من المناطق التي يمكن أن تشهد أحداثاً ولا يلتفت إليها، نحن نعيش في أكثر مناطق العالم حيوية وأهمية، مصادر الطاقة في غالبها تخرج من الخليج، وترتبط أوروبا وآسيا وأفريقيا مباشرة مع خط التجارة والمرور في منطقتنا، وحركة الأموال تمر عبرها، وكذلك الطيران والشحن البري. قد تكون قطر غير مدركة لحجم الأزمة التي صنعتها، وظنت أنها مثل سابقاتها، خلاف على بعض التصرفات، واعتراض على شخصيات تقيم على أرضها، وعلى بعض برامج قناتها، وراهنت على قدرتها على الاستعانة بالأتباع والأصدقاء لتغيير المواقف، وأتبعتها بمدّ يدها إلى الأتراك معتقدة بأنهم طوق النجاة، ولكنها سلكت معهم مسلكاً خطيراً، حيث لم يكفها استيراد «اللبن»، فذهبت مع أردوغان إلى استيراد جيش قوامه خمسة آلاف جندي ومئات المدرعات والآليات العسكرية، وتمادت في الاعتماد على الأجنبي في خلطة عجيبة، فيدها الأخرى مدّت نحو الإيرانيين. نحن، والحمد لله، لدينا قادة عقلاء وحكماء، لم يعرف عنهم غير الاتزان والهدوء عند اتخاذ المواقف والقرارات، وخاصة في العلاقات الإقليمية والدولية، وهذا ما لم تستوعبه قطر حتى الآن، وما تحاول أن تتجاهله، ربما اعتقدت بأنها إذا قفزت نحو قمة الهاوية قد تجد مخرجاً، فأشاعت حالة من الرعب في الداخل لتكسب تعاطف القطريين، وصورت القرارات السيادية من الدول الأربع المقاطعة وكأنها «إعلان حرب»، وأقامت «المناحات» تحت ذريعة الظلم الذي وقع عليها، وهذه كلها تصرفات «جاهلة» لا يمكن أن تحسم أمراً خلافياً بهذا الحجم. اليوم ونحن نترقب لن نستبق الأحداث، ولن ننوب عن قادتنا في تحديد الخطوات القادمة، فهم أدرى بغير المعلن، وثقتنا بهم لا حدود لها، وكل خطواتهم تبدأ من مصلحة الوطن وتنتهي عند مصلحة الوطن، ولكننا وفي الوقت نفسه نعلم بأن المماطلة مرفوضة، وأن التفاوض على المطالب المثبتة بالقرائن لن يكون مجدياً، أي لن يحدث، وأن امتناع قطر عن الاستماع إلى صوت العقل لن يخرجها من أزمتها. سننتظر، علَّ وعسى، نقولها ونحن ننظر إلى شقيق يصرّ على السقوط نحو الهاوية
84 دقيقة واحدة