نتهي منتصف ليل اليوم الأحد، مهلة السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر للرد على مطالب متعلقة بعلاقة الدوحة مع طهران، واخراج القوات التركية من قطر ووقف تمويل جماعات ارهابية وعدم التدخل في شؤون البلدان العربية، وإغلاق قناة الجزيرة.
يحبس مواطنو دول الخليج وأخرى في المنطقة أنفاسهم قبيل ساعات من انتهاء المهلة لرد قطر على مطالب تهدف لإنهاء أزمة تعد الأسوأ في المنطقة منذ العام 1990.
آخر المواقف الحادة في تلك الأزمة جاءت على لسان المندوب الدائم للسعودية في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي التي قال فيها إن «قطر تصر على زعزعة أمن السعودية ودول المنطقة ودعم الإرهاب.. وخلق فوضى عارمة».
موقف المعلمي جاء غداة إعلان وزارة الخارجية السعودية رفضها لما وصفته بـ«دعم قطر للإرهاب والتطرف»، مشيرة إلى أن فرض الحصار على قطر جاء من أجل توجيه رسالة لها مفادها «لقد طفح الكيل».
وشدد وزير خارجية البحرين خالد آل خليفة على ضرورة «التزام قطر بتعهداتها السابقة والمطالب التي قدمتها الدول المقاطعة لها».
بدوره، أعلن وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن دول «الحصار الأربع أعدت مطالبها لترفض.. المطالب تخالف القانون الدولي ولا تستهدف مكافحة الإرهاب، بل تتعلق بتقويض سيادتنا وتمثل خرقا لسيادة دولة قطر وضربا لحرية الصحافة والإعلام».
وبدأت الأزمة الخليجية في 5 يونيو ـحزيران الماضي، حين قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصارا بريا وجويا، واتهمتها بـ”دعم الإرهاب”، وهو ما نفته قطر.
يأتي ذلك وسط مخاوف من تصعيد عسكري في المنطقة على خلفية الأزمة، سيما بعد إعلان قطر عن استمرار وصول دفعات «تعزيزية» عسكرية لها تشمل جنودا ومعدات من حليفتها تركيا، لتنضم إلى القوات التركية الموجودة حاليا هناك.
وذكرت مصادر عسكرية تركية أن أنقرة تريد زيادة عدد قواتها في قطر إلى 600 عسكري.
في المقابل، وبحسب التسريبات، فإن دول «المقاطعة» الأربع تعتزم اتخاذ خطوات عسكرية في مواجهة قطر.
ونقلت صحيفة «الأهرام» المصرية عن مصادر خليجية قولها إن دول «المقاطعة» تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية في البحرين في إطار الإجراءات التصعيدية ضد قطر، مشيرة إلى إجراءات مشددة سوف تتخذها تلك الدول تشمل أيضا المقاطعة الاقتصادية لقطر، وتجميد عضويتها في مجلس التعاون الخليجي. وتجميد ودائع الدوحة في دول المقاطعة.
ويذكر أن قطر أعلنت، في ظل اقتراب نهاية المهلة عن تعويلها على الجهود التي يبذلها شركاؤها الدوليين، من بينهم الولايات المتحدة وروسيا وتركيا، لتسوية الأزمة الراهنة.
وفي الوقت الذي يقول فيه بعض المتابعين إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أيد هذا الحراك السياسي الذي تقوده السعودية، تلتزم الولايات المتحدة علنيا بموقف متضارب إزاء هذه الأزمة.
وفي أول تعليق له على التوتر الحالي في منطقة الخليج، قال صاحب البيت الأبيض إن «جميع إشارات تمويل التطرف، كما تبين خلال القمة الأمريكية العربية الإسلامية في الرياض، تدل على قطر»، بينما يتجنب المسؤولون الآخرون في إدارته من الإدلاء بمثل هذه التصريحات، داعين إلى منع تصعيد الوضع الراهن وتسوية النزاع في أقرب وقت ممكن.
وشدد وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، على ضرورة أن تكون قائمة المطالب، التي تطرحها دول الحصار أمام قطر «معقولة وقابلة للتنفيذ».
من جانبها، أبدت روسيا موقفا أكثر وضوحا من الأزمة في منطقة الخليج، حيث أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قلق موسكو من الخلافات بين قطر وجيرانها، داعيا إلى حلها عبر حوار مباشر بين الأطراف.
وأشار لافروف إلى أن روسيا لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى أو العلاقات بينها، لكنه أكد أنها تجري اتصالات بمعظم أطراف الأزمة الخليجية، مضيفا أن موسكو مستعدة لاتخاذ خطوات إضافية لدعم جهود التسوية.
وأجرى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، منذ اندلاع الأزمة، مكالمات هاتفية مع كل من أمير قطر والعاهل السعودي وملك البحرين والرئيس التركي، مشددا خلالها على ضرورة نزع فتيل التوتر في منطقة الخليج في أقرب وقت ممكن.
من جانبها، أكدت تركيا مرارا معارضتها للحصار المفروض على قطر من قبل دول جيرانها، حيث قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تعليقا على هذه التطورات: «لا نعتقد أن العقوبات ضد قطر صائبة، وهذا الوضع لن يعود بالنفع على أحد، لا سيما في هذه الفترة التي نحتاج فيها بصورة خاصة إلى التضامن والتعاون… نرحب بما تبديه قطر من دم بارد، وسوف نواصل تطوير العلاقات معها».
أجرى الرئيس التركي، أمس السبت، لقاء مع وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع، خالد العطية، أعلنت أنقرة عقبه عن وجود مؤشرات تدل على إمكانية التوصل إلى نتيجة بشأن الأزمة الخليجية.
أما إيران، التي تشكل علاقات قطر معها أحد أسباب فرض الحصار على الدوحة، فأعربت فورا بعد فرض الحصار عن قلقها من التطورات في منطقة الخليج، ودعت إلى حل الخلافات عن طريق الحوار الشفاف وليس بأي أسلوب آخر.
وشددت إيران، على لسان المتحدث باسم خارجيتها، بهرام قاسمي، عن أملها في أن تتم تسوية الأزمة في أسرع ما يمكن، موضحة أن «توتر العلاقات بين الحكومات الجارة في ظل ظروف لا تزال فيها المنطقة تعاني من آثار أزمة الإرهاب والتطرف، واستمرار احتلال فلسطين من قبل الكيان الصهيوني، لن يصب في مصلحة أي حكومة أو شعب في المنطقة، بل يهدد مصالح الجميع».
وخلافا لما طالبت به السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أبدت الدوحة استعدادها لتطوير العلاقات مع طهران، في اتصال هاتفي أجراه يوم الأحد، الرئيس الإيراني حسن روحاني، مع أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني.