عندما عرَفْتُ تفاصيل الحديث التليفوني، الذي أجراه الرئيس الإيراني مؤخرًا لأمير قطر، تذَكّرْتُ على الفور حديث حيّة الأناكوندا الضخمة المشهورة بتطويق وتنويم ضحاياها مغناطيسيًا قبل التهامهم أحياء، للفتى الهندي (موغلي) في فيلم (Jungle book)، الذي أنتجته ستوديوهات والت ديزني الأمريكية عام ١٩٦٧م!.
كان (موغلي) يجلس على جذع شجرة في غابة براديش الهندية، ومحتارًا بين ما يطلبه منه صديقُه الفهدُ العاقل (باغيرا) بالعودة للقرية، حيث يعيش بنو الإنسان، خوفًا أن يقتله النمر البنغالي الشرّير (شيرخان)، وبين من يريد بقاءه في الغابة مثل الدُبّ (بالو) المُحِبّ للعسل، الذي يُساعده موغلي في جلبه له من قمم الجبال!.
فإذا بالحيّة تنحدر على موغلي من أعلى الشجرة بوجهها المُخِيف، وتحدّثه حديثًا ناعمًا يكاد يدخل معها في سابع نوْمة، فتتهيّأ هي لتطويقه والتهامه لولا لطمة قوية من باغيرا تُباغتها وتُسقطها من الشجرة بجسمها المُلتفّ والطويل!.
كذلك تفعل إيران، وتتحدّث على لسان رئيسها بحديثٍ ناعمٍ لأمير قطر، فتزعم رغبتها بتوثيق العلاقات مع قطر، وترفض المقاطعة، التي فرضتها السعودية وحلفاؤها، وتطلب تطويرًا متزايدًا للعلاقات معها، وأنها تقف بجانبها وشعبها دائمًا، وأنّ المجالات الإيرانية الجوية والبحرية والبرية مفتوحة لها!.
وإذا لم تعُد قطر لرُشْدِها، وتصل لتوليفة مُعيّنة مقبولة من شقيقاتها دول الخليج العربي، وعُمقها التاريخي والجغرافي والشعبي، بما يُبدّد مخاوفها من التصرّفات القطرية تجاهها، لَتُواصِل حيّة الأناكوندا زحفها لقطر، ولتُطوِّقَنّ جسمها تمهيدًا لالتهامها لا قدّر الله، فإيران قد وجدتها فرصة سانحة للتوسّع الفارسي، كما فعلته في العراق وسوريا ولبنان، وكادت تفعله في اليمن لولا عاصفة الحزم السعودية، وهكذا حيّة لا يردّها سوى لطمة قاضية من العقلاء في قطر قبل غيرها، كي تعود لحاضنتها الطبيعية ومجلس تعاون الخير والنماء!.
نقلا عن صحيفة المدينة