تصريحات وزير الخارجية السعودي الأخيرة في واشنطن حول الأزمة مع قطر تؤكد مرة أخرى أن سياسة المجاملات وحب الخشوم انتهت. عادل الجبير قال إن لا مفاوضات مع قطر حول المطالب، وسفير الإمارات لدى موسكو عمر غباش أشار في مقابلة مع هيئة التلفزيون والإذاعة البريطانية إلى الخطوات المقبلة المحتملة ضد قطر – إذا رفضت المطالب – والمحدد مهلة أخيرة لها منتصف الأسبوع المقبل. السفير الإماراتي قال: «أعتقد أن الفكرة كلها ستكون في نهاية الأمر مجرد فك الارتباط مع قطر»، ورجح على نحو متزايد أن الإجراءات الاقتصادية والسياسية المفروضة على الدوحة ستصبح دائمة، ولدى سؤاله عن احتمال اندفاع الدوحة إلى طهران، قال غباش: «للأسف كانت قطر بين ذراعي إيران، والعديد من الجماعات المتطرفة لفترة طويلة، لذا فإن فكرة سقوطها في حضن إيران هي شيء نقبله (كمخاطر)، ولكن على الأقل سيوفر الوضوح للمنطقة، وسنعرف من هم أصدقاؤنا وأعداؤنا».
في أزمات سابقة ومتعددة بين السعودية وقطر منذ بوادر السياسة القطرية الجديدة في التسعينات الميلادية كانت زيارات وزير الخارجية القطري الأسبق حمد بن جاسم المكوكية، تمتص – في الظاهر على الأقل – الغضب السعودي أو تخفف منه ليعود النهج المضاد بعد فترة كالسابق. شراء الوقت هذا زمنه انتهى، والرسالة في ما يبدو لم تصل إلى القيادة القطرية أو أن إنصات بعض الأطراف الدولية والإقليمية لها واستغلال هذه الأطراف للأزمة لتحقيق مكاسب مختلفة دفعها لعدم القراءة الدقيقة للموقف الخليجي الجديد.
لذلك لا يبدو أن هناك انفراجاً للأزمة والأقرب للتوقع أن العزلة القطرية ستستمر، وقد تتطور إلى عزلة من مجلس التعاون كما أشار السفير الإماراتي في حديثه إلى أن هذا «قيد المناقشة».
الموقف السعودي الإماراتي البحريني المصري لا يحتاج إلى شرح، فهو ببساطة مرتكز على يقين ثابت من أن السياسة القطرية تستهدف أمن هذه الدول، وتسعى إلى تقويض استقرارها، والحقيقة الناصعة هي أن قطر تحصد ما زرعه وزير الخارجية الأسبق حمد بن جاسم، الذي هندس وقاد هذه السياسة، وعمل على ترسيخها زمناً طويلاً، مستغلاً صبر القيادة في السعودية وتقبلها للوساطات والعهود. هذا الإرث هو ما يجب على القيادة القطرية الحالية التخلص منه إذا كانت مهتمة وحريصة على طمأنة الأشقاء، ولا يبدو أن هذا في استطاعتها في المرحلة الحالية على الأقل.
نقلا عن صجيفة الحياة