قطر اليوم محاصرة فعلاً بأقسى وأخطر حصار يمكن أن يخطر على البال، لدرجة ينبغي أن يشعر معها الجميع بقلقٍ بالغ على مصير هذا البلد واستقراره وسلامة شعبه. هذا الحصار المُحكم ليس أبداً كما تزعم قطر بأنه من الدول المحيطة بها، وليس أيضا كما ذكر مسؤول قطري رفيع في تصريح له للصحفي الإسرائيلي «هنريكا تسمرمان» بقوله: (بيننا وبينكم قاسم مشترك فنحن مثلكم دولة صغيرة محاطة بالأعداء).
إن الدول المحيطة بقطر لا تضمر لها ولشعبها إلا كل محبة وخير، والمقاطعة التي تقوم بها هي حق سيادي لم تجد بداً منه بعد أن فاض صبرها من سيل الإساءات والمؤامرات لأكثر من عشرين عاماً. أما الحصار الحقيقي الذي يحيط بقطر فقد صنعته يداها، وأحاط بها من أربع جهات، كل منها أشد فتكاً من الأخرى.
الجهة الأولى، جماعة الإخوان الإرهابية، التي احتضنتها قطر ودعمتها وجعلت من الدوحة وكراً لقادتها، يبثون منها سمومهم في كل اتجاه، ظناً منها أنها المتحكم والمسيطر عليهم، وواقع الأمر أن هذه الجماعة تمتلك من التمرُّس والدهاء والخُبث ما لا تقوى عليه دولة كقطر، وتمتلك من أدوات الغدر والخيانة المعروفة عنها ما يجعل النوم معها على سريرٍ واحد أشبه بالانتحار.
الجهة الثانية هي مجموعة «شذّاذ الأفاق» من الإعلاميين المعروفين بحقدهم الدائم على دول الخليج دون استثناء. جنسيات أضاعت أوطانها أو خانتها وهربت منها، ولم يعد لها ولاء سوى للمادة أينما وُجدت. هؤلاء للأسف أصبحوا هُم مَن يتحدَّث اليوم بلسانِ قطر، ويحرصون على صبِّ الزيت على النار لإدراكهم أن انتهاء الأزمة تعني نهايتهم.
الجهة الثالثة التي تُحاصر قطر وستظل تلاحقها على مدى التاريخ، هي نتائج ثورات «خريف العرب» الذي أشعلته قطر، وتفاخرت على لسان مسؤوليها بأنها مَن يدعمه ويقف خلفه. هذه الثورات ليست فخراً، فضحاياها الذين تجاوزوا 1.5 مليون قتيل وجريح و14 مليون لاجئ، ستظل وصمة عار وذنب يصعب نسيانه، واستحقاق يُطارد مَن تسبَّب به، وجعله يدفع الثمن عاجلاً أو آجلاً.
الجهة الرابعة التي قامت قطر وبكل سذاجة بالارتماء بين مخالبها السامة، هي إيران وأعوانها، وأي عاقل يُدرك أن إيران لا تطأ أرضاً؛ إلا حل بها الدمار والخراب، ويشهد على ذلك سوريا ولبنان والعراق واليمن.
الخطر على قطر ليس من دول الجوار المسالمة، فهذه الدول لا تكنُّ لقطر ولشعبها سوى مشاعر الأخوّة والمحبة، الخطر الحقيقي هو من الأجساد الغريبة التي تمَّت زراعتها في صميم القلب القطري، وأُنفق عليها المليارات لتحقيق أحلام وطموحات شريرة، لم تجلب سوى الموت والدمار في أرجاء الوطن العربي، ولم تُقدِّم لقطر سوى مشاعر الكراهية والخسائر المادية الهائلة، ناهيك عن المستقبل المخيف المليء بدعوات المظلومين واليتامى والأرامل واللاجئين.
نقلا عن صحيفة المدينة