عيدكم مبارك، وكل عام وأنتم بخير.
رغم الدخان الكثيف الذي يلفنا من جميع الجهات، ورغم النفوس المريضة بالحقد والكراهية والعنصرية والمذهبية والحزبية والطائفية، ورغم الحروب التي ما زالت تتغذى على أرواح وأجساد إخوتنا في عدة دول، ورغم الجوع واليأس والهروب في زوارق الموت، رغم كل ذلك يعيش التفاؤل في داخلنا، فنحن ننتمي إلى أمة لا تعرف غير التفاؤل، وخاصة في الملمات، فقد تعلمنا من سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه، وأخذنا كل شيء جميل من السيرة العطرة، وأحببنا الحياة، وتمسكنا بالإيمان، ولم نملْ يميناً أو شمالاً عن الحق، لم يغرّنا «مسيخ دجال» لبس طربوشاً أو عمامة، ولم يزغ قلوبنا خطيب كذاب بكلماته الشيطانية، ولم يكسرنا خائن للعشرة والأخوة والجيرة والدم، ولم تلهنا ثروة، بل شكرنا رب العالمين عليها، ولم تذهب إلا للخير الذي حدثنا الناس به عن عقيدتنا وانتمائنا.
نسعد بالعيد ونبارك لبعضنا، ونمد أيادينا لكل البشر، راضون ومرضيون، متحابون ومتسامحون، لا نميز أنفسنا على الآخرين وإن تفاخرنا بما لدينا، ولا نسخر من غيرنا وإن اعتقدوا بما لا يروقنا، وفي ساعة الجد نحن لها، رجالنا أسود يذودون عن أوطانهم وعن إخوانهم، لا يهابون عدواً، ولا يحيدون عن طاعة ولي أمر، ويسهرون على حماية كل ذرة تراب من أرضهم، ويدافعون عن أهلهم، فالحب غرس ورثوه من الرجال الصالحين.
عيدكم مبارك، وسعيد بقدر سعادة هذا الوطن العزيز، المعتز بمن جمعوا الناس حولهم، وصنعوا قلباً واحداً ينبض ولاء وانتماء وفداء، قادتنا، الذين أحببناهم لأنهم أحبونا، وندعو لهم جميعاً بالثبات عند الشدائد، والصبر على غدر الأشقاء، والحزم عند الطلب، ونسأله تعالى أن يحفظ لنا رئيس الدولة شيخنا ورمزنا خليفة بن زايد، ولا يحرمنا طلته التي أسعدت قلوبنا يوم أمس، وأن يزيد سبحانه المحبة والمودة في قلبي محمد بن راشد ومحمد بن زايد، وأن يشد من أزرهما، وينصرهما على كل الأدعياء المارقين الخارجين على دين الحق.
كل عام وأنتم بخير، وعيدكم مبارك، وبيت الله الذي تهفو إليه أفئدة من الناس بخير، ذلك الذي حماه تعالى من أصحاب الفيل ودعاة الطائفية والمذهبية البغيضة، البيت العتيق وكعبته المشرفة، نسأل الله أن يحميه، ويسخر رجال سلمان لقطع يد كل من تسول له نفسه إلحاق الضرر بقبلتنا، رافعين أيادينا شكراً لله على فضله بعد أن أرجع كيد الحاقدين إلى نحورهم، وأفشل خططهم في أم القرى.