هذه حيلة الجبناء، فكُلَّما شعروا أنه قد ضاق عليهم الخناق يُبادرون بالبغي والإجرام ونشر الذعر والإرهاب، فهُم تارةً يقتلون الأبرياء، وتارةً يُدمِّرون الممتلكات، وتارةً يستهدفون زرع الفتنة بين أفراد المجتمع، فهذا ديدنهم وذلك نهجهم، فهُم لا عهد لهم ولا ذمة، ولا يُؤمَن جانبهم عبر الزمان، ولا يردعهم حرمة مكان، ولا سلامة أبرياء، بل جُل همّهم هو التفجير والتخريب والدمار، ونشر الإرهاب في كل مكان.
في العام الماضي وفي نفس هذا الوقت تقريباً، استهدفت خلية إرهابية قاصدي المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، إذ فجَّر انتحاري نفسه بين رجال الأمن أثناء تناولهم إفطار رمضان، ونتج عن العملية الإرهابية استشهاد 4 من رجال الطوارئ، وإصابة 5 آخرين، وبالأمس تمكَّنت الجهات الأمنية – بفضل الله وتوفيقه- من إحباط عمل إرهابي وشيك استهدف أمن المسجد الحرام ومرتاديه من المعتمرين والمصلين في ليلة ختم القرآن الكريم، وأُلقي القبض على 5 عناصر إرهابية بينهم امرأة، وتمركزت المجموعة الإرهابية في ثلاثة مواقع أحدها في جدة وموقعين في مكة المكرمة، وهما حي عسيلة، والثاني حي أجياد المصافي الواقع داخل محيط المنطقة المركزية للمسجد الحرام، وقد بادرت قوات الأمن بالرد على الإرهابي الذي بادر بإطلاق النار من منزل في حي أجياد المصافي تحصَّن بداخله، وبالرغم من توجيه الدعوة له من رجال الأمن بتسليم نفسه، إلا أنه رفض التجاوب مع تلك الدعوات، واستمر في إطلاق النار بشكلٍ كثيف تجاه رجال الأمن، ثم فجَّر نفسه ليلقى حتفه وينهار المبنى الذي كان فيه، والذي لا يبعد عن المسجد الحرام إلا قرابة النصف كيلو متر فقط، أما المواقع الأخرى فقد تمكَّن رجال الأمن من محاصرة الموجودين فيها والقبض عليهم.
هكذا هم الإرهابيون، كُلَّما أفلسوا عمدوا إلى التفجير والتخريب والتدمير، فهذه سلعتهم وتلك تجارتهم، لا يعرفون معنى بيت من بيوت الله، ولا يُقدِّرون حُرمة شهر رمضان، ولا عظمة لياليه العشر المباركة، ففي الوقت الذي يتوافد عباد الله إلى بيته صغارًا وكبارًا ليحظوا بفضل ليلة ختم القرآن الكريم، وينالوا بركاتها، نجد هناك أيدِ آثمة تُخطِّط لنشر الذعر والخوف بين صفوف المصلين، وتسعى لقتلهم وسفك دمائهم في أطهر بقعة على وجه الأرض، وفي بيت تهوى إليه أفئدة الناس.
أي ضلال وفجور هذا؟.. وأي غواية، بل وأي مبدأ أو منهج يتيح للمسلم أن يقتل أخاه المسلم بهذه الطريقة البشعة وينشر الفساد والدمار في الأرض؟!.. أما آن لهؤلاء الضالين أن يعودوا عن ضلالتهم؟!.. أما آن لهم أن يعرفوا أنهم لن يتمكَّنوا من تحقيق أهدافهم ومآربهم؟!.. أما آن لهم أن يفيقوا من سكرتهم ويعودوا إلى رشدهم ويحافظوا على أمن وأمان وطنهم، وإلا فإنهم سيلقون حتفهم وسوء مصيرهم حتى آخر واحد منهم.