أول مرة سمعت باسم حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في بداية التسعينيات، وبالتحديد بعد تحرير الكويت، ونشوب خلاف بين قطر والسعودية كاد يشعل حرباً، وأدى إلى سحب السفير السعودي لعدة سنوات، ثم ظهرت بوادر انشقاق بين الأمير خليفة بن حمد وولي عهده حمد، وصل إلى ظهور مركزي حكم في قطر، الأول في الديوان الأميري بالدوحة.
والآخر في قصر الريان، مراسيم أميرية تصدر من هنا، ومراسيم أميرية تصدر من هناك، حمد يعين ويتخذ قرارات في الدوحة، والأمير يلغيها من الريان، وحمد يصدر قرارات جديدة تعارض قرارات الأب، ومن بينهما يظهر ذلك الوجه الصلب في صور ضبابية بين الحين والآخر.
كان الوضع القطري مبهماً ولمن يعرف العلاقة بين الأمير وولي عهده كان مستغرباً، وعندما سألت بعض الأقارب والأصدقاء القطريين الذين أعلم بأنهم على اطلاع تام بالأوضاع في بيت الحكم، كان الجميع يشيرون إلى شخص اسمه حمد بن جاسم بن جبر، الشيخ المنتمي إلى أحد فروع العائلة الضعيفة أو لنقل البعيدة عن الحكم والسلطة، العائد قبل سنوات من الولايات المتحدة.
حاملاً شهادة من الوزن الثقيل، وكان يأمل في منصب رفيع بعد أن قدم رسائل تزكية من مراكز أبحاث ودراسات نافذة وذات تأثير في واشنطن، ولكن الشيخ خليفة كان له رأي آخر، وهو أن يبدأ «ابن جاسم» من «أول السلم» كما يقال، فأرسله إلى الخدمة المدنية ليعين موظفاً في «إدارة الكهرباء» إذا لم تخني الذاكرة أو البلدية، ولم يقتنع الشاب الطموح ذو الأحلام الوردية المرسومة في أميركا.
لم يطل بقاء حمد بن جاسم في الوظيفة، تركها ليتفرغ لمهمة أكبر، وهي بناء جسور الثقة والولاء مع ولي العهد حمد بن خليفة، وبدأ هدم البيت الكبير، وكان مدخله ضرب الابن الآخر للأمير، وزرع الخوف في قلب ولي العهد من أخيه عبدالعزيز، وحفر له بعد أن امتد تأثيره في الأجهزة الأمنية، وأبعد عبدالعزيز عن الوزارة ورحل للاستراحة في الخارج، ووثق علاقة حمد بأخيه عبدالله بن خليفة وزير الداخلية، وربط مصير الاثنين ببعضهما في مواجهة الأخ المبعد.
كانت خطة حمد بن جاسم السيطرة من خلال بث الشكوك بين كل أطراف الحكم، فأزاح الأعمام وأبناء الأعمام عن الواجهة، بعضهم أُبعد عن منصبه، وبعضهم منع من حضور المجالس، والآخر توفاه الله في حادث سيارة!!
وو «راسبوتين الدوحة» ضالته، فالسيدة القوية لها ثأر عند الأمير، الذي لم يوافق على زواج ولي عهده بها، وهي ابنة رجل كان ضمن الذين طُردوا من البلاد مع مؤيدي الأمير السابق أحمد بن علي، وهنا كانت بداية وصول حمد بن جاسم بن جبر إلى القمة لتبدأ رحلة الدمار.