ماذا تستفيد دولة من إهدار جانب كبير من ثروة حباها الله بها للإضرار بالآخر؟
وكيف يمكن لقيادة أن تعبث بمقدرات شعبها من أجل أهواء وأحلام وهمية؟ وهل بإمكانك لأنك تملك المال أن تغير الوقائع والحقائق وتعبث بالجغرافيا والتاريخ للإضرار باستقرار وأمن إخوتك وجيرانك ؟ ولماذا تدفع الكثير لإتعاس نفسك والآخرين بدل إسعادهم؟
هذا هو حال قطر الآن في أزمتها التي عرتها الحقائق وحولتها إلى «منبوذ» في محيطيها، وبدأ العالم بإدراك ما تفعله في دعم الإرهاب وتمويله وفِي تفريخ المنظمات الإرهابية والفوز بالمقر الرئيسي لأكبر بنك ممول للإرهاب.
نتحدث هنا عن 65 مليار دولار، هبات قدمها البنك إلى المنظمات الإرهابية ، هبات أصبحت ديوناً معدومة ضاعت على المساهمين الشعب القطري لأن مجلس الإدارة ورئيسه وهيئته التنفيذية منحت تلك القروض المشبوهة بهدف وحيد هو تحقيق «العظمة».
«العظمة» وتحقيق المكانة بين الكبار للتغلب على عقدة «الحجم» أمر كان من الممكن تحقيقه بشكل طبيعي لو أنفقت ما أنفقته على التنمية الوطنية المستدامة.
صحيح أن الدوحة ضخت مبالغ ضخمة على البنية الأساسية والطيران والسياحة وعلى مشاريع الغاز والنفط، لبلوغ ما وصلت إليه حتى الآن، لكن كيف من الممكن أن يكون عليه الاقتصاد القطري لو أضيف الى مفاصله 65 مليار دولار؟.
كان بإمكانها أن تكون مركزاً عالمياً لاقتصاد المعرفة أو مركزاً مالياً ينافس في العالم، أو مكاناً للإبداع وصرحاً أكاديمياً، أو مقصداً سياحياً، كان بإمكانها أن تضيف لكل فرد من أفراد شعبها حتى قبل أن يولد أكثر من مليون درهم إلى مدخراته، واذا كان قلب قيادتها كبيراً فبإمكانها أن تتحول إلى مركز العالم في العطاء والخير.
الاقتصاد القطري هو أكبر الخاسرين من «أزمة» قيادته ، فهو الذي سيدفع الثمن الأكبر لفاتورة التغريد خارج السرب الخليجي والعربي فالسيولة في انخفاض ومعها الودائع والاستثمارات والأسعار والتضخم إلى الارتفاع، وتكلفة الاقتراض إلى أعلى مستوياتها والعملة الوطنية إلى أدناها. المشاريع ستتأخر ومعها الدفعات والحقوق، والهجرة المعاكسة من قبل المقيمين ستبدأ مهما تأجلت، والطيران والسياحة في أسوأ أيامهما، ومراكز التسوق والأسواق الداخلية «تئن».
نتحدث هنا عن مقاطعة وعقاب من قبل مجموعة دول تتقدمها السعودية والإمارات وهما مشتركتين أكبر شريك تجاري للدولة، شبه الجزيرة، التي لا تمتلك إلا حدوداً برية واحدة مع المملكة.
الأيام المقبلة ستكون أصعب بكثير مهما توفرت البدائل غير الطبيعية، ففاتورة الخسائر ستكون مرهقة لميزانية البلاد وللاقتصاد الوطني، ما يعني تصنيفاً ائتمانياً أدنى وتكلفة أموال أعلى، وتعاملات مع أسواق الخارج بشروط أقسى.
طريق الصواب معروف وخريطة إنقاذ الاقتصاد القطري لا تحتاج إلى «جوجل» للاستدلال عليها.
نقلا عن صجيفة الخليج