أدمانا الجرح القطري، وقد صبرنا عليه، صدورنا اتسعت لكل الابتسامات والوعود والعهود، كنا حريصين على أن يعود المغيب إلى رشده، ولم ندخر وسيلة أو ثغرة إلا نفذنا من خلالها، علَّ وعسى، فإذا بها تكبر، تلك الجروح بدأت تُخرِج قيحاً كريه الرائحة، والآلام تكبر أيضاً، تزداد مع مرور الوقت، مع كل حقيقة نصدم، لا نصدق، ننكر ما نراه، ونكذب ما نسمعه، ويصبح الوجع عبئاً، فكان لا بد من حل، إما العلاج وإما البتر، وبينهما شق الجرح ليُنظَّف ويجنبنا القرار الصعب.
ما كنا نتوقع كل ذلك من القيادة القطرية، فنحن إخوة في الحياة والمصير، والخناجر تطعن فينا خفية، تُسلَّم إلى كل الخارجين على القانون في دولنا وإلى الإرهابيين، من إخوان إلى طالبان إلى سلاح للحوثيين، وأموال للزانداني وجماعته في اليمن لإفشال استقرار المناطق المحررة في الجنوب، إلى دعم غير محدود للقاعدة في الجزيرة العربية، وتمويل للجماعات المذهبية الإيرانية، في البحرين وفي القطيف، وتحريض الحشد الشعبي العراقي على تهديد الأراضي المقدسة.
ومندوب الصهيوينة العالمية، عزمي بشارة، يخطط وينفذ عبر إثارة الفتن وإطلاق الإشاعات، بواسطة شبكة إعلام منظمة، يُصرَف عليها من المال القطري الرسمي، والقرضاوي ما زال يدير تنظيماً عالمياً يقتل المصريين في معسكراتهم وكنائسهم ووسائل نقلهم، ويقيم معسكرات التدريب الإرهابية في «درنة» الليبية لزعزعة أمن مصر، ويضخ الملايين إلى عبد الحكيم بلحاج الليبي الإخواني، ليثير الفتن في دول المغرب العربي.
ما عاد الخلاف مع القيادة القطرية حول وجهات نظر تجاه الإخوان والتنظيمات الإسلامية السياسية، بل هو الخطر الإرهابي الموجه ضد السعودية والإمارات والبحرين، ولا ننسى مصر، وكم تأذت من الألاعيب القطرية، إنها التصرفات العدائية المثبتة بالشواهد والوثائق، والإضرار بأمن الدول، وهي التي استدعت قرارات فجر يوم أمس، بقطع قنوات الاتصال كافة بين قطر والدول الخليجية الثلاث.
وهو إجراء غير مسبوق، ولأننا نعرف قياداتنا وحرصها على العلاقات الأخوية، وإيمانها بوحدة المصير مع دول مجلس التعاون، نجدها مضطرة بعد كل ما اجتمع لديها من أدلة حول الأفعال الصادرة عن القيادة القطرية، إلى اتخاذ «قرارات مؤلمة»، حماية لأمننا واستقرارنا، وحفاظاً على سلامة أراضينا ومواطنينا.