بثقة نستطيع إجراء مقارنة بين حياتنا وتصريف اعمالنا خلال شهر رمضان قبل عدة عقود وخلال السنوات القليلة الماضية، وهذه المقارنة قد تفيدنا في تشخيص الاوضاع الحالية وربما تساعدنا في تعديل سلوكياتنا في كافة مناحي الحياة، وتحويل شهر رمضان للعمل والعبادة وتقنين الاستهلاك، وتمتين النسيج الاجتماعي، والقيام بواجباته في العمل في كافة القطاعات، والتعامل الايجابي بين الناس كما في الاشهر الاخرى واكثر اخلاصا ايمانا بأن التقوى تهذب النفس اولا.
لم نكن نشعر بحملات اعلامية رسمية إستعدادا لشهر رمضان وتخزين المواد الغذائية، فالتجار يقومون بذلك حسب احتياجات السوق، كما لم نكن نشهد استفحال الغلاء وميل بعض التجار لزيادة هامش الربحية خلال الشهر الفضيل، كما ان جمهور المستهلكين وان كان يزيد مشترياته لتلبية متطلبات الشهر لكنها كانت يومية او ليومين اذ لم يكن هناك نمط تخزين المواد الغذائية في المنازل لاسابيع، فالتبذير المنهي عنه دينيا واخلاقيا لم يكن ظاهرة، اما الاسوااق كانت تغلق مبكرا ولا تعمل على مدار الساعة، اما المقاهي التي اصبح اسمها كوفي شوب تستمر حتى ساعات السحر.
اما التعاون واعمال الخير ..فقد كانت نشطة يشعر بها المرء ولايراها فكانت تتم بالخفاء لحماية مياه وجوه المعوزين وابتغاء الاجر من الله، اما في ايامنا هذه تنشط شركات وافراد بنشر ما سيقدمونه او قدموه من طرود خير ويعلن ان نشط في المنطقة الفلانية وربما يفضل تقديم كشف لمن تسلم طرود الخير، وفي ذلك ايذاء للناس، واضعاف لمأسسة عمل نبيل، اما المؤسسات والشركات المتوسطة والكبيرة فأن فلسفة المسؤولية المجتمعية هي حق لابناء المجتمع الذي تنشط فيه تلك الشركات، وما تقدمه ليس منه وانما حق للمواطن وواجب على الشركة.
ان المسؤولية الاجتماعية تحتاج الى تشريعات واضحة ومحددة من حيث النسب المالية وطرق انفاقها، اما ترك هذا البند للشركات مباشرة سنكون اما شركات تقوم بدور ايجابي وشركات اخرى تتهرب وتنفق مبالغ قليلة مع كثير من الصخب الاعلامي، فالمطلوب العمل على بناء منظومة من التشريعات والنظم بحيث يستفيد المجتمع من مخصصات المجتمع، ولا توجه لخدمة الجمعية تلك او المؤسسة على حساب المجتمع.
ايام وليالي رمضان هذه الايام حافلة بفعاليات غريبة عما كان سابقا، تمايز طبقي اجتماعي متفاقم، سخط وظهور تعامل غير منطقي في التعاملات والمعاملات، اما التلفزيونات فقد تبعت اختلافات سياسية وعرقية ومصلحية تجاوز بعضها على القيم والمعتقدات وزادت في انتاجها ومحتواها الفكري المنطقة وشعوبها تمزقا وفرقة..وفي ليالي رمضان ايام زمان كان هناك بعد ايماني وترتيل القرآن الكريم ..وهناك جانب من الترويح من مسابقات مع برامج خفيفة..والسؤال هل نستطيع العودة خطوة الى الوراء ؟.
نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية