نون والقلم

الحرية والإرهاب والفساد

 

أخبار ذات صلة

 

الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة.. فكل طرف يستفيد من الآخر.. فالفاسدون يستفيدون من الإرهاب للالتفاف على مفاصل الدولة ويحكمون السيطرة عليها.. والإرهابيون يرون فى الفساد مبرراً لتصرفاتهم وجرائمهم.. الفاسدون يصعدون فى ظل الإرهاب إلى أعلى المناصب فى الدولة ويتحكمون فى كل مقاليدها مستغلين الإجراءات الاستثنائية التى تتخذ لمكافحة الإرهاب.. والإرهابيون يواصلون أعمالهم تحت سمع وبصر الفاسدين بل ويتلقون تمويلاً منهم سواء مباشر أو غير مباشر.

فنحن مررنا بتجارب كثيرة تحالف فيها لوبى الفساد مع عصابات الإرهاب وشهدنا كيف استغلت الحكومات الحوادث الإرهابية لتقييد الحريات العامة للمواطنين بالاعتداء على الدستور والقانون وفرض قوانين وقرارات استثنائية لم تواجه الإرهاب بقدر ما قيدت عمل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى من جمعيات ونقابات وهيئات وأغلقت المجال العام.

فلوبى الفساد يريد أن يعمل بدون رقيب أو حسيب ويمارس عمله فى نهب الثروات تحت مسميات جذابة وتحت معادلة الأمن مقابل الحرية وهى المعادلة التى عادت مرة أخرى للظهور رغم أنها فشلت فى العالم كله وتحت شعار التنمية وهو شعار حق حوله لوبى الفساد إلى باطل ويحمل الفاسدون المواطنين سداد فاتورة ما يدعون أنه حرب على الإرهاب

وعصابات الإرهاب تريد من لوبى الفساد أن يزيد من إجراءاته القمعية ضد المواطنين وضد المثقفين وضد المطالبين بالحرية والشفافية والنزاهة حتى يجد غطاءً شعبياً لأعماله ضد الدولة وضد الناس.

فالضحية للوبى الفساد والعصابات الإرهاب هو المواطن ودعاة الحرية ودعاة التنمية القائمة على الشفافية والنزاهة ودعاة عدم تحصين أى سلطة أو مؤسسة من النقد مهما كانت درجتها ودورها وكذلك هو الضحية للجرائم التى ترتكبها عصابات الإرهاب الأسود فهو المقتول والمصاب أو المكلوم فى عزيز لديه من العاملين فى أجهزة الأمن

فالحرب على الإرهاب تتطلب أن نواجه لوبيات الفساد وأن نفتح ملف الفساد بدون خوف وأن نحاسب كل من مارس الفساد طوال السنوات الماضية خاصة أن جرائم الفساد أصبحت لا تسقط بالتقادم، أى فك الارتباط بينهما.

فالحرب على الإرهاب تتطلب إحياء الحياة السياسية والثقافية وإطلاق الحريات العامة والإيمان بدور وسائل الإعلام بأنها عين المواطن وأن المسئولين والمؤسسات من المهام الأساسية لها فلا بد أن يعلم من يخاف من النقد من المسئولين ويعتبر نفسه خطاً أحمر فعليه أن يجلس فى منزله.

فمن يريد أن يتصدى للعمل العام فعليه أن يعلم أن أداءه وتصرفاته معرضة للنقد.. لأن الذين يخافون من النقد هم الفاسدون والإرهابيون فكلاهما يعمل تحت الأرض.

فمن يعمل فى النور وبشفافية ووضوح لا يخاف من أحد بالعكس يكون مرحبًا بالرأى الآخر ويعتبره سندًا له حتى ولو كان هذا الرأى نقداً قاسياً.

والحرية أساس الحرب ضد الإرهاب والفساد وأقصر طريق للتنمية الشاملة ولا يمكن للتنمية أن تتم وبسرعة إلا فى ظل إعلام حر ديمقراطى ومجتمع مدنى حقيقى وقوى ومستقل وأحزاب سياسية ما بين مؤيدة ومعارضة، فالتنوع السياسى والثقافى والفكرى أساس المواجهة للوبى الفساد وعصابات الإرهاب وقبل كل هذا القدوة فى احترام الدستور والقانون لأنه لولا هذا الدستور ما كان المسئول فى منصبه!!

 

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى