قد تكون هذه المرة الأولى التي لا ينجرف فيها النظام الإيراني خلف المتهورين والمتطرفين من أتباعه، كسر المرشد شوكة الحرس الثوري، وأسقط مرشحهم الطامع في منصب «الولي الفقيه»، وأعاد روحاني إلى الرئاسة لفترة ثانية، طمعاً في التهدئة وتدارك ما يمكن تداركه.
رأى خامنئي بوادر إعصار تلوح في الأفق، وخاف أن يخسر كل شيء إذا عاند وكابر، فأبقى على التوازنات الداخلية، ولم يسمح للطرف الأكثر تشدداً بالسيطرة على مفاصل الدولة كافة، فالعالم مستفَز من تصرفات الحرس الثوري بتدخلاته في شؤون دول الجوار، والقتال إلى جانب الأنظمة الطائفية والمذهبية.
وتهديد دول الخليج المستمر، ومحاولة السيطرة على الممرات المائية الدولية في هرمز وباب المندب، وإثارة الحروب عبر المليشيات المدربة والمجهزة إيرانياً، وإفشال كل المحاولات الأممية لإنهاء النزاعات القائمة، وتشجيع الطوائف في مناطق جديدة على الخروج عن النظام والقانون وإثارة الفوضى.
روحاني ليس حمامة سلام، ولكن الخامنئي يراه معتدلاً مقارنة بإبراهيم رئيسي، ويظن أنه صاحب خبرة في التعامل مع الظروف المستجدة، خوفاً من الآتي بعد قمة الرياض الإسلامية الأميركية، فهذه خمسون دولة مسلمة تلبي نداء خادم الحرمين الشريفين، وهو يعلم أن أجندة القمة أمامها التطرف والإرهاب، وإيران تقف في الصف نفسه الذي تقف فيه التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
بل إن إيران بعنصريتها المذهبية شجعت على ظهور تلك التنظيمات، خاصة بعد الذي فعلته في العراق وسوريا؛ فالمسلمون لن يسمحوا للفكر المذهبي الضيق أن يسود الأمة، ولن يقبلوا بالتهديد المستمر لأرض الحرمين الشريفين، هذا خط لا يسمح لأحد بالاقتراب منه، وكذلك المجتمع الدولي لن يسمح لحشود فوضوية مخدوعة بتعريض الأمن في العالم كله للخطر إرضاء لولي فقيه أو تحقيقاً لأطماع بعض المتمذهبين.
انحنى الخامنئي ونظامه للريح العاتية المتجهة صوبه، إنه يخشى أن تقتلعه من جذوره، وهذا وارد من بعد اليوم، فغداً سندخل حقبة جديدة، بعد أن تم تصحيح الرؤية الأميركية، ورسالة دونالد ترامب الواضحة بأن تكون السعودية هي الدولة الأولى التي يزورها وهو رئيس أكبر قوة في العالم، وأن تكون القمة مع دول الخليج مقدمة على قمة الناتو والدول السبع الكبرى، فهذا معناه أن إيران والخامنئي وروحاني بحاجة إلى إعادة التفكير في تصرفاتهم، والعودة بهدوء إلى خلف حدود بلادهم.