من يصدق أن شخصاً أو جهة في مكان ما من العالم يمكن أن تحدث كل هذه الفوضى في شبكة الإنترنت؟ ومن مرت عليه التبريرات التي قيلت وما زالت تقال حول الفدية غير المنطقية التي طلبها القراصنة، وقدرها 300 دولار قد تصل إلى 600 دولار عند التأخر في الدفع؟
آلاف من المرضى فقدوا فرصتهم في العلاج يوم ضرب النظام الطبي البريطاني، عمليات جراحية ضرورية تأجلت، وأدوية يعيش عليها أصحاب الأمراض المزمنة تعذر صرفها، وحالات طارئة لم تتمكن الحواسيب من إتمام إجراءاتها، ومواعيد ألغيت.
وهذه ليست إلا حالة واحدة من بين أكثر من 200 ألف حالة قرصنة طالت أنظمة خدمية ومالية واقتصادية وشخصية في عشرات الدول حول العالم، وبعدها يقال إن المطلوب لإعادة الحياة مرة أخرى للأجهزة والأنظمة المتوقفة عن الحركة والتنفس فقط 300 دولار؟!
هذه جريمة دولية، وإرهاب معلوماتي قاتل، تتشارك أطراف كثيرة فيها، إنها ليست «لعب عيال»، فمثل هذا العمل لا يقوم به مراهق أو مجموعة «هاكرز» يريدون أن يتسلوا في عملية استعراض لقوتهم الإبداعية، ولكنها تشير نحو قوى متمكنة ومتنفذة يصعب الوصول إليها لأنها مسؤولة عن رصد الاختراقات وحماية المعلومات، أصابع كثيرة هي التي أشارت نحو جهات قوية، فهناك من قال بداية إن «أدوات التسلل الإلكتروني» هي سلاح طورته وكالة الأمن القومي الأميركية، قالت ذلك وسائل إعلام أميركية طوال الأيام الثلاثة الماضية، وهي الأيام اللاحقة لهجوم «وانا كراي» على نحو 150 دولة.
وشركة «مايكروسوفت» وصفت الوضع بعد الهجوم بالمؤلم، ووعدت باتخاذ كل الإجراءات الممكنة لحماية زبائنها، ولم يصدر هذا الكلام من الشركة الأغنى في العالم، شركة «بيل غيتس» أثرى رجل عرفه الكون على قوائم أصحاب المليارات من فراغ، فهي المنتج لأنظمة التشغيل «وندوز»، وتبين أنها عندما تطرح إصداراً جديداً من هذا النظام الذي لا يخلو أي حاسب منه، ترفع الحماية عن إصدار قديم، فكانت تلك الإصدارات والبلدان التي ما زالت تستخدمها هي الأكثر عرضة للهجوم، رغم أنها دفعت الملايين مقابلها، فماذا يعني هذا؟!
وهناك «يوتيوب» ودورها، وآخرون أيضاً، سنتطرق إليهم لاحقاً.