انتخاب الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون، وبنسبة كاسحة، قياساً بمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان أعاد فرنسا وعموم أوروبا إلى حكمة التاريخ والجغرافيا، وأشار بالبنان لحقيقة موضوعية لا مفر من الإقرار بها والسير على نهجها.. وتتمثل تلك الحقيقة في المنجز الأوروبي الليبرالي التاريخي المسيج بعلمانية الدولة، وتعددية المشاركة، والمواطنة القانونية، والاحتكام إلى القوانين الوضعية المعبرة عن إجماع الأمة، مع الاحتفاظ بمسافة إجرائية بين الدولة والكنيسة الكاثوليكية.. استتباعات لتعميم ذات المسافة مع بقية الأديان.
تلك النتيجة التي رجحت كفة المرشح الوسطي ماكرون وبنسبة تصويت عالية، قدمت أيضاً رسالة ناجزة لعموم أوروبا الغربية. فالانتشاء اليميني المتطرف قبيل الحملة والانتخابات الرئاسية لم تكن سمة خاصة بفرنسا، لكنها اتخذت سبيلاً أكثر راديكالية فيها، والمعروف تاريخياً أن فرنسا الكاثوليكية الأوروبية اللاتينية كانت دوماً تمثل بؤرة الانتفاضات والتحولات الدراماتيكية منذ كومونة باريس العاتية.. كما أن مزاجها التاريخي الجيوسياسياً كان يميل دوماً للانعطفات الحادة، وهو الأمر الذي جعل مراقبي التاريخ السياسي يتطيرون هلعاً وخوفاً من وصول اليمين الشوفيني العنصري لسدة قصر الأليزيه.
ما جرى ويجري في فرنسا ستكون له آثاره المؤكدة في منظومة البلدان المتوسطية ذات المناشئ اللاتينية، وخاصة إيطاليا وإسبانيا والبرتغال ورومانيا، كما أن انتخاب ماكرون سيمهد الطريق لإعادة الاتحاد الأوروبي إلى غرفة الإنعاش الضرورية، بحثاً عن تقديم بديل مغاير للنموذج البريطاني المكتفي بليبراليته السياسية والاقتصادية الداخلية.
تترنح أوروبا الأطلسية اليوم بين قطبي الانعزال والتكامل، وتمثل فرنسا الحالة الأكثر فولكلورية ونمطية في هذا الاستقطاب، ويتخذ هذا المنحى الاستقطابي طابعاً دراماتيكياً بالترافق مع الحقيقة الأمريكية الجديدة التي يمثلها ترامب وإدارته.
التحدي الأكبر أمام الرئيس المنتخب ماكرون يتمثل في الاستحقاقات الداخلية الباهظة، وخاصة لجهة تأمين المزيد من فرص العمل، وهو أمر يتطلب تخطي البيروقراطية الفرنسية التاريخية، والتأسي بالنموذجين البريطاني والألماني المتميزين بتسهيل الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، كما أن التوق لإنجازات تنموية مؤثرة يتطلب رؤية خاصة تجاه ضواحي المدن الفرنسية الكبرى ذات الطابع «البروليتاري الرث» المقرون بحضور بشري ملون، وفي هذا الصدد يمثل النموذج الصيني قيمة استثئائية في كيفية مغالبة الفقر والحيرة، من خلال آليات فعالة تلعب فيها الدولة دوراً مركزياً.
على المستوى الاجتماعي سيواجه الرئيس الفتي وفريق عمله تحدياً سياسياً وأخلاقياً على خط محاربة الإرهاب، وسيكون على هذا الفريق مباشرة تفكيك البنية المفاهيمية للإرهاب الافتراضي.. توصيفاً وتشخيصاً ومقارعة، بحيث يتم قراءة المشهد بطريقة عاقلة .. لا تسمح بالديماغوجية في الخطاب، ولا تكون سبباً في إثارة فتنة داخلية، ولا تستوهم إمكانية فصل فرنسا عن عمقها الإقليمي المتوسطي الجنوبي.
وفيما يتعلق بالملفات الدولية والإقليمية ستواجه الإدارة الجديدة عالماً محتدماً بالصراعات والتمترسات المفجعة، وعليها أن تباشر حضوراً عضوياً في كامل تلك الملفات الدولية الصعبة، وهنا تنبري العلاقات الأمريكية الفرنسية بوصفهاً رافعة انفصال واتصال بين إدارة ماكرون التي تتلمس خطاها نحو الدرب الشائك، وإدارة ترامب المدججة بإيديولوجيا اليمين الجمهوري الأكثر شراسة، فماذا هم فاعلون ؟
مما لاجدال فيه أن فوز ماكرون أومأ إلى انتصار العقل والوسطية والحكمة.. لكن هذا الانتصار النظري له ثمنه الكبير، ويكمن ذلك الثمن مستحق الدفع، في المعالجة المبتكرة لسلسة الملفات الثقيلة التي تواجهها فرنسا.
تلك النتيجة التي رجحت كفة المرشح الوسطي ماكرون وبنسبة تصويت عالية، قدمت أيضاً رسالة ناجزة لعموم أوروبا الغربية. فالانتشاء اليميني المتطرف قبيل الحملة والانتخابات الرئاسية لم تكن سمة خاصة بفرنسا، لكنها اتخذت سبيلاً أكثر راديكالية فيها، والمعروف تاريخياً أن فرنسا الكاثوليكية الأوروبية اللاتينية كانت دوماً تمثل بؤرة الانتفاضات والتحولات الدراماتيكية منذ كومونة باريس العاتية.. كما أن مزاجها التاريخي الجيوسياسياً كان يميل دوماً للانعطفات الحادة، وهو الأمر الذي جعل مراقبي التاريخ السياسي يتطيرون هلعاً وخوفاً من وصول اليمين الشوفيني العنصري لسدة قصر الأليزيه.
ما جرى ويجري في فرنسا ستكون له آثاره المؤكدة في منظومة البلدان المتوسطية ذات المناشئ اللاتينية، وخاصة إيطاليا وإسبانيا والبرتغال ورومانيا، كما أن انتخاب ماكرون سيمهد الطريق لإعادة الاتحاد الأوروبي إلى غرفة الإنعاش الضرورية، بحثاً عن تقديم بديل مغاير للنموذج البريطاني المكتفي بليبراليته السياسية والاقتصادية الداخلية.
تترنح أوروبا الأطلسية اليوم بين قطبي الانعزال والتكامل، وتمثل فرنسا الحالة الأكثر فولكلورية ونمطية في هذا الاستقطاب، ويتخذ هذا المنحى الاستقطابي طابعاً دراماتيكياً بالترافق مع الحقيقة الأمريكية الجديدة التي يمثلها ترامب وإدارته.
التحدي الأكبر أمام الرئيس المنتخب ماكرون يتمثل في الاستحقاقات الداخلية الباهظة، وخاصة لجهة تأمين المزيد من فرص العمل، وهو أمر يتطلب تخطي البيروقراطية الفرنسية التاريخية، والتأسي بالنموذجين البريطاني والألماني المتميزين بتسهيل الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، كما أن التوق لإنجازات تنموية مؤثرة يتطلب رؤية خاصة تجاه ضواحي المدن الفرنسية الكبرى ذات الطابع «البروليتاري الرث» المقرون بحضور بشري ملون، وفي هذا الصدد يمثل النموذج الصيني قيمة استثئائية في كيفية مغالبة الفقر والحيرة، من خلال آليات فعالة تلعب فيها الدولة دوراً مركزياً.
على المستوى الاجتماعي سيواجه الرئيس الفتي وفريق عمله تحدياً سياسياً وأخلاقياً على خط محاربة الإرهاب، وسيكون على هذا الفريق مباشرة تفكيك البنية المفاهيمية للإرهاب الافتراضي.. توصيفاً وتشخيصاً ومقارعة، بحيث يتم قراءة المشهد بطريقة عاقلة .. لا تسمح بالديماغوجية في الخطاب، ولا تكون سبباً في إثارة فتنة داخلية، ولا تستوهم إمكانية فصل فرنسا عن عمقها الإقليمي المتوسطي الجنوبي.
وفيما يتعلق بالملفات الدولية والإقليمية ستواجه الإدارة الجديدة عالماً محتدماً بالصراعات والتمترسات المفجعة، وعليها أن تباشر حضوراً عضوياً في كامل تلك الملفات الدولية الصعبة، وهنا تنبري العلاقات الأمريكية الفرنسية بوصفهاً رافعة انفصال واتصال بين إدارة ماكرون التي تتلمس خطاها نحو الدرب الشائك، وإدارة ترامب المدججة بإيديولوجيا اليمين الجمهوري الأكثر شراسة، فماذا هم فاعلون ؟
مما لاجدال فيه أن فوز ماكرون أومأ إلى انتصار العقل والوسطية والحكمة.. لكن هذا الانتصار النظري له ثمنه الكبير، ويكمن ذلك الثمن مستحق الدفع، في المعالجة المبتكرة لسلسة الملفات الثقيلة التي تواجهها فرنسا.
نقلا عن صحيفة الخليج