اخترنا لكنون والقلم

الإرهاب يهدّد بريطانيا

ألقت قوات الشرطة في العاصمة البريطانية لندن أخيراً، القبض على ستة أشخاص بتهمة الإعداد والتخطيط لعمليات إرهابية، أو التحريض على ارتكابها.

من هؤلاء شابة في الحادية والعشرين من العمر، كانت قوات الشرطة قد أطلقت النار عليها بعد مداهمة المنزل الذي تعيش فيه، وبعد خروجها من المستشفى بعد تلقي العلاج، تم اقتيادها إلى مركز للشرطة للتحقيق معها.

تجدر الإشارة إلى أن أقصى مدة يمكن التحقيق فيها مع المشتبه في ارتباطهم بأعمال إرهابية، هي 14 يوماً بعد موافقة قضائية.

قال نيل باسو، وهو منسق لشرطة مكافحة الإرهاب: «إن عملية المداهمة قد أحبطت مؤامرة لارتكاب أعمال إرهابية، وقد تم احتواء الخطر الذي يمثله هؤلاء المقبوض عليهم».

قبل ذلك، ألقي القبض على خالد محمود عمر البالغ من العمر 27 عاماً بالقرب من البرلمان البريطاني، وكان يحمل سكاكين، وقد قضى خالد وقتاً في أفغانستان قبل العودة إلى بريطانيا.

تأتي تلك الأحداث بعد حادث الدهس والطعن بالسكين حول البرلمان، ويطرح ذلك التساؤل حول شبح الإرهاب الذي بات يهدد بريطانيا في أي لحظة، ويصعب إيقافه كله، وإن نجحت بعض عمليات قوات مكافحة الإرهاب، فقد لا تفلح كلها، وتقع الكارثة مرة أخرى.

هناك بعض الملاحظات السريعة التي أود أن أطرحها في هذا السياق، أولها، أن المقبوض عليهم كلهم مسلمون وصغار في السن، فلماذا يقوم شباب مسلمون بتلك الأعمال؟.

يتطلب هذا، التصدي لقضيتي الاندماج والمكون العقيدي المتفاعلين معاً لصناعة شباب يريدون الانتقام من المجتمع الذي ولدوا أو ترعرعوا فيه.

إن المتأسلمين وتجار الدين المتطرفين، يستغلون عدم اندماج هؤلاء الشباب في مجتمعاتهم، ويزرعون فيهم تبريراً دينياً للقيام بعمليات إرهابية.

عن هذا، ذكر لي الدكتور فواز جرجس المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، ومؤلف كتاب عن تنظيم داعش: «الدين والفتاوى الدينية تلعب دوراً كبيراً في جعل هؤلاء الشباب يضحون بمستقبلهم للقيام بأعمال العنف ضد الأبرياء، ويجب التعامل مع هذا العامل للقضاء على التطرف والإرهاب».

ثاني تلك الملاحظات، تمثل في ضرورة عدم سماح الحكومة البريطانية لبعض المتطرفين بإقامة دولة داخل دولة.

هناك محاكم تقوم في بعض الحالات بالتمييز ضد المرأة لصالح الرجل، وهناك مدارس دولة ثبت أنها تفصل بين البنات والأولاد، وتنشئهم على نظام قيمي يختلف عن قيم المجتمع البريطاني الذي يعيشون فيه.

كل تلك المحاولات تنشئ شباباً مسلماً يصارع داخلياً إلى أي وطن ينتمي، فما هو الحل للصراع النفسي بين نظامين مختلفين للقيم تربوا عليهما، لأن هؤلاء المتشددين يحاولون نفي الآخر، وتعلية أفكارهم على القوانين البريطانية.

للأسف، تراخي الحكومة البريطانية في مواجهة ذلك، يشجع هؤلاء على المضي أكثر في خططهم، وخلق أجيال ناقمة، وينتهي بها الحال إلى التطرف والإرهاب، وذكر لي الأستاذ عادل درويش الصحافي المختص في الشؤون البريطانية من لندن «أن الخوف من الإسلاموفوبيا، هو الذي يشجع هؤلاء على تنفيذ مخططاتهم بخلق نظام قيمي مختلف كلياً عن القيم البريطانية».

يضاف إلى ذلك، عدم قدرة أجهزة شرطة مكافحة الإرهاب والمخابرات الداخلية على متابعة الآلاف من المتطرفين، وفقاً لشهادة موظفين في أجهزة المخابرات.

من هنا، يجب التعامل مع مصادر تفريخ التطرف قبل أن يتحول إلى عمليات إرهابية.لن تسلم بريطانيا من عمليات إرهابية في المستقبل، بالنظر الدقيق والتحليل لوضع المسلمين في بريطانيا، وتفاعلاتهم مع المجتمع الذي يعيشون به.

نقلا عن صحيفة البيان

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى