إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن أول زيارة خارجية له بصفته رئيساً لأميركا ستكون إلى السعودية، لها دلالات سياسية واقتصادية مهمة على صعيد المكانة التي تحتلها السعودية على المسرح الإقليمي والدولي، إلى جانب أهمية العلاقة بين الرياض وواشنطن.
وعلى رغم أن العالم العربي يمر في حال من الفراغ وعدم الاستقرار الأمني منذ بداية الربيع العربي إلا أن الرياض والمنظومة الخليجية تصدت ودافعت عن المصالح العربية بكل ما تملك من جهد، سواء أكان سياسياً أم اقتصادياً أم عسكرياً، منطلقة من مبادئ أخوية عربية ومن الدفاع عن مصالح الشعوب العربية من بعض التدخلات الدولية والإقليمية، وخصوصاً من إيران والتي للأسف تستغل بعض القضايا العربية والإسلامية وتتاجر فيها، مثل ادعائها الدفاع عن بعض الأقليات في العالم العربي، أو مزايدتها بالقضية الفلسطينية، وكلنا يذكر التهديد والوعيد الإيراني لإسرائيل ولكنها وعود تطير في الهواء وكلنا يتذكر موقف النظام الإيراني إبان الحرب على غزة فكل ما قامت فيه هو تجييش إعلامي من قنواتها الناطقة بالعربية لتأليب الرأي العام العربي على حكوماتها وتصوير هذه الأنظمة بأنها خائنة للقضية الفلسطينية، وللأسف أن هذا الخطاب انطلى على بعض النخب والجماهير العربية، ولكن الوجه الحقيقي الذي يدعي الممانعة والدفاع عن المظلومين في العالم انكشف زيفه عندما تدخلت طهران إلى جانب نظام الأسد ضد ثورة شعبه السلمية.
إيران وحلفاؤها باعتقادي هم من عسكر الثورة السورية وجلب لها التنظيمات الإرهابية من كل دول العالم، كما تعاملت إيران مع محيطها العربي بعد توقيعها اتفاقها النووي مع مجموعة 5+1 بحلم السيطرة، مستغلة التردد الذي كانت عليه الإدارة الأميركية السابقة والتي راهنت على الدور الإيراني في المنطقة، وغيرت واشنطن في تلك الفترة من تحالفاتها نحو طهران بعيداً عن حلفائها التقليدين.
يجب أن نقف كثيراً أمام الجهود السعودية الديبلوماسية مع الجانب الأميركي، فمنذ وصول ترامب إلى السلطة والاتصالات وزيارات الوفود السعودية إلى واشنطن لم تنقطع، وتوجت بزيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لأميركا، والتي كانت أول لقاء بين ترامب ومسؤول عربي كبير، إضافة إلى أن الزيارة استمرت فترة طويلة التقى ولي ولي العهد فيها الكثير من المسؤولين الأميركيين في المؤسسات الأميركية في الكونغرس والبنتاغون وأجهزة الاستخبارات، إضافة إلى لقائه العديد من رجال الأعمال والشركات الأميركية.
القرار الأميركي بأن تكون الرياض وجهة ترامب الأولى خارجياً هو تتويج لزيارة ولي ولي العهد لواشنطن ونجاح للديبلوماسية السعودية بشكل عام.
زيارة ترامب للرياض والتي سيلتقي فيها زعماء الدول الإسلامية كما ذكر الرئيس في تصريحه «المتلفز» ستكون تاريخية وهي كذلك بالفعل، فالمملكة هي ثقل العالم الإسلامي وقبلة المسلمين وحاضنة المقدسات الإسلامية (المسجد الحرام والمسجد النبوي)، ولا شك في أن الثقل السياسي والاقتصادي للمملكة لا يمكن أن يشكك فيه.
ترامب أشار إلى أنه سيناقش في قمة الرياض مع زعماء العالم الإسلامي قضايا الإرهاب، وهذه فرصة لنا كوننا مسلمين أن نعمل متحدين لتخليص ديننا من تهمة الإرهاب الذي للأسف أُلصق بالإسلام، نريد أن نخرج عن القوالب الجاهزة في التبرير ولنتنمى أن يكون بيان الرياض استراتيجية عمل واضحة وصادقة في التصدي للإرهاب ودوافعه، خصوصاً من يستغلون النصوص الدينية في أجنداتهم الفكرية التي تقود للتطرف والإرهاب وكلها تتم باسم الإسلام.
الرئيس الأميركي قال إنه سيناقش في زيارته للرياض أواخر الشهر الجاري قضية بناء مستقبل أكثر عدلاً للشباب المسلم في بلادهم. وأنا على قناعة أن الرئيس الأميركي سيجد الكثير من الأصدقاء في زيارته القادمة للمملكة، وسيرقص العرضة السعودية معهم في قلب العاصمة السعودية الرياض.