< كشف تقرير منظمة «فريدم هاوس»، أن حرية الصحافة في العالم انحدرت إلى أدنى مستوى لها منذ 13 سنة، بسبب سعي العديد من الأنظمة الديموقراطية إلى تحجيم دورها حول العالم، وفرض قيود على حرية الصحافة، ومهاجمة الإعلام المستقل الذي ينتقد أداء السياسيين. وبين هذه الدول أميركا التي لم تعد نموذجاً في حرية الإعلام، ما شجع دولاً أخرى، غربية، على فرض مزيد من القيود على حرية الصحافة.
الدراسة خلصت إلى أن 13 في المئة فقط من سكان العالم يتمتعون بـ «صحافة حرة»، وأن 42 في المئة منهم لديهم صحافة محدودة الحرية و45 في المئة يعيشون في دول تفتقر إلى حرية الصحافة. ولفت التقرير إلى أن روسيا أصبحت رائدة في عولمة الدعاية السياسية، فضلاً عن أن «العديد من الديموقراطيات الكبرى وبينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أقرت أخيراً قوانين لمصلحة التنصت، تفتقر إلى آليات الإشراف الكافية ضد الانتهاكات». أما الدول التي احتلت المراتب الأولى في حرية الصحافة فهي النروج وبلجيكا وفنلندا وهولندا والسويد».
التقرير قدم صورة سيئة عن حال حرية الصحافة في المنطقة العربية، وأشار إلى أسباب ساهمت في لجمها في دولنا، أبرزها الضغوط التي تمارسها الحكومات على الصحافيين ووسائل الإعلام للانحيازات، فضلاً عن سيادة «التحزب والاستقطاب» في صحافة الشرق الأوسط. والدليل على الحد من حرية الصحافة العربية، تراجع الحرية في صحافة الكويت، التي كانت الأهم في المنطقة العربية، إلى درجة أن رسام الكاريكاتور الراحل ناجي العلي لجأ إليها، حين ضاقت به صحف أخرى عربية. وهي احتلت المركز الثالث بعد تونس ولبنان، واللافت أن الصحافة الكويتية استقبلت هذا التراجع بترحاب، راضية بمقارنة نفسها بدول أخرى خليجية، احتلت مراتب متأخرة جداً. المؤسف أن 80 في المئة من البلاد العربية لا توجد فيها حرية صحافية، ومعظم وسائل الإعلام مملوك مباشرة للدولة، أو لرجال أعمال يوالونها، أو مملوكة لأحزاب المعارضة الرسمية، وهذا النوع من الإعلام لا يخدم سوى الدعاية السياسية الفجة التي تغيّب الحوار الرشيد في المجتمع، وتضعف صدقية الدولة.
الحكومات العربية باتت تدرك أن ملايين الدولارات التي تنفق على هذه الوسائل تساهم في تشويه صورتها. لكن الخوف من حرية الصحافة ما زال يسيطر على عقلية الجالسين على مقاعد سلطة الإعلام، وهو هم حان وقت لجمه.
الأكيد أن تراجع حرية الصحافة في دول ديموقراطية ينبغي ألا يكون مسوغاً لاستمرار امتلاك الحكومات العربية وسائل الإعلام وتوجيهها، فضلاً عن أن الإعلام الموجه يغيّب دور الرقابة، ويمنح الفساد فرصة للعبث بالتنمية.
نقلا عن صحيفة الحياة