الآن، وبعد إعلان القائمة النهائية لمرشحي المجلس الوطني 2015، يمكن القول إن النواحي الإجرائية للانتخابات اكتملت وفق جدول دقيق صارم، نجحت اللجنة الوطنية في تحقيقه، ودلّ، في مجمله ومفصله، عَلى تمُيز الإماراتيين، وهم يشتغلون كأفراد أو كفريق عمل.
يمكن القول أيضاً، باعتبار ما تم حتى الآن، إن العد التنازلي قد بدأ: مجتمعنا اليوم ينتظر يوم السادس من سبتمبر/أيلول الجاري، حيث يبدأ تطبيق «الدعاية» الانتخابية، وهذا يعني إعلان البرامج الانتخابية للمرشحين.
مجتمعنا ومقترعونا بصدد المقارنة والتمييز بين 341 برنامجاً انتخابياً لمرشحين يخوضون «معركة» انتخابات مجلس 2015، ليكونوا أعضاء في المجلس الوطني الاتحادي للفصل التشريعي المقبل، والسنوات الأربع المقبلة إلى الاستحقاق الانتخابي المقبل في العام 2019، وكلنا يعلم أهمية هذا الزمن المحدد بهذه السنوات في تاريخ دولة الإمارات التي تنتمي، أصلاً، بمناقبها ومواهبها، للمستقبل.
يلفت النظر أولاً، أن عدد المرشحين من أعضاء المجلس السابقين ثلاثة فقط، وهذه نقطة محيرة إلى حد ما، فلماذا لا يرغب الأعضاء السابقون في إعادة التجربة؟ هل هي الخبرات السلبية في المجلس الوطني، أم هي إيجابية الإيثار بحيث تترك الفرص لآخرين جدد، خصوصاً من فئة الشباب؟ نفهم أن بعض الأعضاء السابقين ربما انتظر حظه في مراسيم التعيين، كما حدث في المرتين السابقتين، وفيهما حدث ما هو أبعد وأدل على الحرص والمتابعة : تعيين مرشحين خاضوا الانتخابات، ولم يوفقوا فيها، لدواوين أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات الإرادة الكاملة والرؤية الخصوصية أو الخاصة.
ثلاثة أعضاء فقط من الأعضاء السابقين، عدد قليل ولافت لجهة قلته، ونحن أميل إلى حضور أعضاء مخضرمين في المجلس الوطني إلى جانب الأعضاء الجدد والشباب، وذلك نحو استكمال الخبرات وتكاملها، ويعول في ذلك على التعيين، كما يعول عليه في تحقيق مقتضيات التوازن بين الجنسين، أو التوازن في المهن والمعارف والمهارات.
وبين المرشحين نسبة من النساء كنّا نتمنى أن تكون أكبر، فنسبة النساء في مجتمعنا ليست أقل من الربع، ونسبتهن في العمل والعطاء والتفاني والإخلاص كاملة.
هل تصح مقولة يتم تداولها على نطاق واسع، مؤداها أن المرأة ضد المرأة، وهل تثبت المرأة الإماراتية في انتخابات 2015 العكس؟ حتى لا نظلم أياً من المرأة أو الرجل، نستدرك لنؤكد أن المسألة ليست عاطفية، أو ليست، بغية المزيد من الموضوعية، عاطفية بحتة، وهي تعتمد، أو ينبغي أن تعتمد، على إجابة سؤال المرأة في مجلس 2015 وماذا تقدم؟ ماذا أعدت المرأة الإماراتية المرشحة للمجلس الوطني من برامج انتخابية؟ هل ستضع قضايا المرأة في مطلق أولويات أجندتها في الانتخاب، ثم في العمل داخل المجلس؟ وماذا أعد الرجل مع المرأة، وماذا أعدت المرأة مع الرجل؟ هل الأولويات مرتبة بشكل صحيح؟ هل تشتمل البرامج الانتخابية على مقترحات ومعالجات أم مشاكل فقط؟ لقد طالب المجتمع، خصوصاً في استطلاعات الصحافة وفي وسائل التواصل الاجتماعي، هذه المرة، والإشارة إلى وعي تجربتي 2006 و2011، ببرامج انتخابية معقولة، وبعيدة عن الشطط والمبالغات، وهذا مبدأ أول يُرجى تحقيقه، وسوف يكون معيارًا للاختيار، لكن وجب التنبيه، في الوقت نفسه، إلى أن تلك ليست دعوة إلى اتباع أسلوب السقف الخفيض، وكأن لا معنى أو فائدة.
المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات، في شكله الحالي ، وفق الدستور والقوانين واللائحة الداخلية، كما وفق الممارسة وتوجيهات القيادة منذ التأسيس، خصوصاً في خطابات الافتتاح السامية، قادر على عمل الكثير، ثم إننا تعلمنا في الإمارات أن الواقعية ليست الخضوع للواقع، وإنما محاولة تطويره، وذلك بعض غرس زايد الخير، طيب الله ثراه، وعلينا إكمال المسيرة مع مراعاة مستجدات العصر نحو إيصال سفينتنا إلى أجمل الضفاف، ومن هنا، فالأمل أن يكون تحسين أداء المجلس الوطني، وتوسيع صلاحياته، بعض مضمون البرامج الانتخابية المنتظرة.
ويتوقع أن تركز البرامج الانتخابية على القضايا المطروحة في الإمارات، وفي كل الأوطان كقضايا الصحة والتعليم والإسكان والشؤون الاجتماعية والعمل، إلى آخره، والذي يميز برنامج هذا المرشح أو ذاك إزاء هذه القضايا المتداولة، مدى خصوصية الطرح وتناسبه والإمارات.
ونريد برامج لا تنسى أو تتجاهل موقعنا في صميم العالم، لجهة الحرب على التطرّف والإرهاب، ولجهة التأثير في الإقليم والعالم اقتصادياً وسياسياً.
ولا نريد كلاماً هوائياً، لا يلبث قليلاً حتى يتحول إلى هواء.
نريد ما ينفع الناس، ويمكث في الأرض، ونريد أن نسمع ونرى، اللهم إلّا إذا حدثت انسحابات في الأسابيع المقبلة، 341 برنامجاً انتخابياً تقدم نفسها، وكأنها 341 انتخاب مستقبل.
نقلا عن صحيفة الخليج الاماراتية