دعت مجموعة من الأكاديميين عباس إلى تأجيل مشروع عقد المجلس الوطني في رام الله في منتصف سبتمبر لاختيار لجنة تنفيذية جديدة بعد الاستقالة الجماعية، التي تضمنت فرض أمر واقع على الشعب الفلسطيني ومكوناته الفصائلية، وغير الفصائلية. ودعت الشخصيات إلى توجيه دعوة إلى الإطار القيادي للمنظمة ، الذي تم الاتفاق عليه في القاهرة، بغرض البدء في مشروع إصلاح المنظمة، ودعت الشخصيات إلى اعتماد مبدأ الانتخابات حيث أمكن، والتوافق حيث امتنع إمكان إجراء الانتخابات.
الشخصيات الأكاديمية والإعلامية التي وقعت على بيان التأجيل بعضها من غزة وبعضها من الضفة، وبعضها من الخارج، وهو منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، ولو تطوعت بعض الصحف أو مراكز الدراسات لإجراء استطلاع رأي عام على طلب الأكاديميين المستقلين لحقق الاستطلاع موافقة بنسبة تزيد على ٩٥٪ . ولو بقياس مغاير تم استطلاع رأي المشاركين على سؤال: هل توافق على دعوة عباس لعقد المجلس الوطني، بدون توافق، لاختيار لجنة تنفيذية جديدة ؟ لكانت النتيجة ٩٥٪ يرفضون؟!
لست أدري في ضوء هذه المقدمة لماذا يهمل عباس وغيره من المتنفذين في المنظمة، وحتى في رئاسة المجلس الوطني رأي الشعب؟! لماذا لا يستطلعون الشعب، أو يستفتونه، بينما هم يدّعون أنهم يمثلونه تمثيلا وحيدا ؟! من يدعي تمثيل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج عليه أن يستمع لرأي الشعب، وهناك آليات معلومة ومعروفة في الديمقراطيات الحديثة لأخذ رأي الشعب وإشراكه في القرار. ويجدر بعباس وفتح أن يدركا أن الشعوب أسقطت مفهوم توريث الحكم، وفلسطين لا تقبل بالتوريث في التنفيذية وغيرها؟!
لم يعد الشعب الفلسطيني بعد التجارب التاريخية والوعي التراكمي منذ فجر الثورة الفلسطينية وحتى تاريخه، ومنذ فجر أوسلو وحتى تاريخه، يقبل بالحكم الديكتاتوري ( الصغير) كما يقول دحلان. إن وعي الشعب وتجاربه يرفضان دعوة الوطني لتحقيق خدمة للرئيس عباس لمجرد خصومته مع ياسر عبد ربه، أو غيره. الخصومات الشخصية ليست أحداثا كبيرة، من أجلها تصادر الحقوق الوطنية التي تم الاتفاق عليها في القاهرة والشاطئ والدوحة، ووثيقة الوفاق الوطني.
ما يجري الآن في موضوع الوطني هو انقلاب شامل على كل ما تم الاتفاق عليه وطنيا، وهو مصادرة كاملة لمشروع إصلاح المنظمة، وجمع حماس والجهاد داخل ما يسمونه البيت الوطني للجميع. وهو انقلاب على الشعب وسلطته وصلاحياته.
حين تحدث خلافات في الحكومات في العالم، ويتعذر الحل الجزئي يلجأ الرئيس للاستقالة، وللانتخابات، فليس كالانتخابات النزيهة والشفافة آلية ناضجة لإشراك الشعب في تجديد مؤسساته القيادية، وتحقيق سياساته العامة . أما أن تستمد المؤسسة القيادية ( وهنا اللجنة التنفيذية) شرعية وجودها من مجلس وطني ميت، اهترأت شرعيته منذ سنين، كما اهترأت شرعية عباس نفسه على حدّ قوله هو للأردنيين، فهذا إجحاف كبير بحق الشعب، واستغلال سيئ لأوضاعه، وتحطيم لدوره كمصدر للسلطات، ومن يشارك عباس من الشخصيات والفصائل الأخرى يرتكب نفس الجرائم في حق الشعب الفلسطيني، وسيحاسبه الشعب حسابا عسيرا حين تتاح له فرصة المحاسبة، فالشعب واع، وتجاربه تؤهله لكي يقرأ ما فوق الطاولة وما تحتها. احذروا الشعب وغضبته، وخذوا بنصيحة الأكاديميين.
نقلا عن فلسطين أون لاين