كثيرة هي التساؤلات التي تثيرها وثيقة « حماس » السياسية الجديدة، ولم تقصر وسائل الإعلام المرئية في محاولات للإجابة عن بعضها، منذ الاثنين عندما أعلن خالد مشعل التفاصيل، وحتى الآن، ولهذا لن أناقش ما جاء فيها بالكامل، ولكنني فقط سآخذ نقطة واحدة من بين ذلك السيل البلاغي العاطفي، الذي تضمنته البنود التي زادت على الأربعين.
ما يهمنا قبل كل شيء مصداقية حماس، وهى عامل حسم في مستقبل هذه الحركة التي خسرت كل الذين وثقوا بها من قبل وأيدوها وساندوها، فالقضية اليوم ليست في وثيقة تحذف منها كلمات، وتضاف مكانها كلمات، وليست في اختيار عبارات تقبل التأويل ولكنها لا تقول الحقيقة.
والذي حصل منذ نهار يوم أول من أمس الاثنين أن الجميع كان يتحدث عن «صحوة» حركة حماس وتخليها عن جماعة الإخوان المسلمين ومرجعيتها في مصر، ومرد ذلك الاعتقاد أن الوثيقة الجديدة وفي التعريف لم تشر إلى تبعيتها لجماعة الإخوان بخلاف وثيقتها السابقة التي تقول «إنها جناح من أجنحة جماعة الإخوان»، وصفق وهلل الإعلام المندفع.
ولكن وثيقة مشعل لا تقول ذلك، ومشعل نفسه لم يقل ذلك، ولم يظهر علينا هنية أو الزهار أو أي واحد من قادة حماس بمجرد تلميح حول التخلص من إخوانية الحركة، والتعريف الجديد الذي ورد في الوثيقة المعلنة يقول «حركة المقاومة الإسلامية» «حماس »هي حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية.. مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها ووسائلها فهل سأل الفرحون بالتحول «التكتيكي» أي مرجعية إسلامية اختارت حماس بعد أن تخلت عن مرجعية «قطب» و «بديع» الإخوانية؟
وهل قال مشعل في إعلانه عن الوثيقة الجديدة إنه سيوقف مشاركة حركته في المؤمرات ضد مصر؟ وهل سيوقف التهريب عبر الأنفاق؟ والتهريب هذا يشمل السلاح والمتفجرات والأشخاص من أتباع حركته أو من الإخوان المصريين المدربين في معسكرات حماس بغزة، ويشمل أيضاً المخدرات وغسيل الأموال!
على حماس أن تجيب عن التساؤلات أولاً، وعلى رأسها الموقف من تنظيم الإخوان وأفكاره، وبعدها فليصفق من يريد أن يصفق، وحتى يتم ذلك علينا أن ننظر إلى الوثيقة الجديدة على أنها أسلوب الإخوان عندما تضيق بهم السبل، إنها «التقية» في ظاهرها وباطنها.