الأخبار

كارينوسكا تشيد بدور«دبي للمستقبل» في إعادة استنساخ الآثار المدمرة

ضمن فعاليات اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي المقام برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أشادت البروفيسور أليكسي كارينوسكا، مدير التقنية في معهد علم الآثار الرقمية وباحثة الفيزياء في جامعة أوكسفورد، بدور مؤسسة دبي للمستقبل في استنساخ الآثار التي جرى تدميرها جراء الصراعات والحروب وذلك بالشراكة مع معهد الآثار الرقمية وجامعة أكسفورد حيث حققت نتائج باهرة بالفعل ونجحت في تقديم نموذج عالي الجودة لبعض أثار مدينة تدمر السورية.

وأشارت كارينوسكا في جلسه حملت عنوان «حضارات تحييها التكنولوجيا» إلى أهمية هذا التعاون المشترك والذي يسعى من خلاله الأطراف الثلاثة إلى المساهمة في حفظ الآثار التي خلّفتها الحضارات القديمة وذلك باستخدام تقنيات التصوير والمسح الضوئي الحديثة لرسم مجسمات طبق الأصل للأثر المراد استنساخه ومن ثم انتاجها مرة أخرى باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد قادرة على نسخ أدق وأصغر التفاصيل التي يتميز بها الأثر، مؤكدة أن هذا المشروع يندرج ضمن مبادرة طويلة الأمد مع مؤسسة دبي للمستقبل تهدف إلى المساهمة في حماية وإنقاذ التحف الأثرية النادرة، وإعداد نسخ مما تبقى من المعالم في هذه المدينة الأثرية.

ونوّهت الباحثة الفيزيائية العاملة في مجال الحفظ الرقمي للآثار إلى أن أولى إنجازات هذا التعاون المشترك تمثل في إنتاج نسختين لقوس معبد «بل»” التدمري المصنّف من قبل اليونيسكو كموقع للإرث العالمي بعد أن تم تدميره من جانب تنظيم «داعش»، لافتةً أن فقدان معلم يعود تاريخه إلى أكثر من 2000 عام كان بمثابة صدمة للكثيرين ولاسيما المهتمين بالآثار والحضارات القديمة.

وخلال الأعوام القليلة المنصرمة، شهدت مواقع عدة من العالم عملية تدمير واسعة النطاق ونهب منظم للمواقع الأثرية والمتاحف، لاسيما وأن حالة الانفلات الأمني في المناطق التي عصفت بها الصراعات والنزاعات المسلحة مثلت بيئة خصبة لمثل هذه الممارسات التي تشكل تهديداً كبيراً للإرث الحضاري الإنساني، لذا كان من الضروري تطوير وسائل للحفاظ على هذا الإرث البشري للأجيال القادمة.

وعن أهمية التعاون في هذا المجال، أشادت البروفيسور كارينوسكا بالشراكة مع مؤسسة دبي للمستقبل وقالت: «استطعنا من خلال توحيد جهود مؤسسة دبي للمستقبل، ومعهد الآثار الرقمية البريطاني، وجامعة أكسفورد من إعادة استنساخ قوس النصر من خلال توثيق تفاصيل الأثر بتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد ومن ثمة إعادة بنائها بالكامل من خلال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لحمايتها والحفاظ عليها من الاندثار في حال تعرضت لمخاطر تهدد وجودها باعتبارها إرثا حضاريا إنسانيا».

وأضافت كارينوسكا: «مهمة حفظ الحضارة الإنسانية وآثارها تعد خطوة مهمة في طريق التواصل الحضاري البنّاء بين البشر، إذ أن فقدان الآثار التاريخية يقطع صلتنا بالماضي والذي يعد أساساً نستند إليه في رحلتنا نحو المستقبل، لاسيما أن التغييرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم قد تؤدي إلى محو الإرث الثقافي الإنساني والتراث العالمي، ما يدفعنا إلى مزيد من التعاون وبذل جهود مضاعفة بهدف نقل هذا الإرث التاريخي إلى الأجيال القادمة».

ولفتت كارينوسكا إلى أن قوس النصر الذي تم طباعته يزن 12 طناً، وبلغ ارتفاعه نحو 20 قدم، وقد تم افتتاحه بالفعل في مدينة نيويورك في العام 2016 بحضور معالي محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل نائب رئيس مجلس الأمناء العضو المنتدب لمؤسسة دبي للمستقبل، ومن ثم انتقل الأثر إلى دبي ومنها إلى مدينة فلورنسا الإيطالية، وبلغت المسافة الاجمالية التي قطعها حول العالم 25 ألف ميل، زاره 100 ألف شخص.

وعن سمات النسخة الجديدة قالت كارينوسكا، أن قوس النصر الجديد يضاهي النسخة الأصلية فيما يتعلق بكافة التفاصيل المعمارية والهندسية، إلا أنه أقل حجماً ووزناً من النسخة الأصلية وذلك لضمان سهولة نقله من مكان لآخر حيث أن الوزن الأصلي لقوس النصر يبلغ 25 طناً.

واختتمت كارينوسكا بالإشارة إلى أهمية الآثار مؤكدة أنها ليست مجرد حجارة وأبنية إنما هي جزء لا يتجزأ من التراث الإنساني المشترك، مشيرة إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد العديد من المشروعات الهادفة إلى انقاذ واستنساخ المزيد من القطع والمواقع الأثرية في المنطقة والعالم، ومؤكدة أن هذا المشروع الحضاري الإنساني يقوم بدور محوري في توثيق المعالم الأثرية في دول منطقة الشرق الأوسط التي تزخر بشواهد أثرية تدل على قدم حضارتها، حيث تم بالفعل التقاط عدد كبير جداً من الصور بتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد.

وأوضحت أن الهدف الأساس من وراء هذه الشراكة هو الحفاظ على الأشكال الأصلية لهذه الآثار بغرض استخدام طابعات ثلاثية الأبعاد لإعادة بنائها بشكلها الأصلي في حال تعرضت للهدم أو الاندثار بشكل جزئي أو كامل. ورغم وجود العديد من الصور التقليدية للمواقع الأثرية المستهدفة، إلا أن التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد التي ستستخدم في هذه المشاريع تقوم على نشر عدد كبير من الكاميرات ثلاثية الأبعاد لالتقاط صور ذات جودة عالية لكل قطعة أثرية ويمكن تحميلها بشكل فوري إلى قاعدة بيانات عبر شبكة الإنترنت، وهو ما يسهّل إعادة بناء هذه المقتنيات الأثرية وفقا لشكلها الفعلي وأبعادها الأصلية من خلال توظيف تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وذلك خلال المرحلة الثانية من المشروع.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى