نون لايت

تركي الدخيل: الحوار ثقافة كونية تعكس ثراء الوجود الإنساني

ضمن فعاليات اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي، أكد الإعلامي السعودي تركي الدخيل، مدير عام قناة العربية أن الحوار الحضاري ثقافة كونية إنسانية تعكس ثراء الوجود الإنساني وتلعب دوراً مهماً في عملية التواصل الفعال بين البشر، متحدثا في جلسة حملت عنوان «الحوار الحضاري الذي اتمناه»، حيث عرّف الدخيل مصطلح الحوار الحضاري بأنه عملية تواصل مع طرف آخر أو أكثر بنية حسنة هادفة إلى تحقيق المصلحة المشتركة، وعقل متفتح ينشد الخير للجميع، وينبذ الأحكام المسبقة إدراكاً منه بأنها عائق قوي وقادر على وأد الحوار في مهده.

وشدد الدخيل على ضرورة الاعتراف بالطرف الآخر قبل بدأ الحوار والاقتناع بحق كل انسان في اعتناق الأفكار التي يراها صواباً، مستشهداً بمقولة الناشط الحقوقي الأمريكي الشهير مالكوم إكس «احترم اقتناع كل انسان بما يقوده إليه عقله».

ويرى الإعلامي السعودي أن الحوار الحضاري يقوم على التفاعل بين البشر بكافة مكوناتهم الاجتماعية والدينية والسياسية وذلك بغرض التوصل إلى أسس مشتركة يمكن من خلالها تجنب الصراعات، لافتاً أن الفيلسوف الفرنسي روجية جارودي هو صاحب فكرة حوار الحضارات والتي بلورها في ثمانينات القرن الماضي، ودعا المنتمين إلى الحضارة الغربية بعدم التعالي على الأخرين، وتقبّل كافة الحضارات.

وعن معوقات الحوار الحضاري وكيف يمكن تفاديها، أكد الدخيل أن الايغال والتمادي في الاعتقاد في نظرية المؤامرة والدور الخفي للقوي الاستعمارية يمثل عائقاً قوياً أمام قدرة الانسان على إقامة حوار متحضر وهادف، وبطبيعة الحال يعلم الجميع أن هناك مؤامرات تُحاك طوال الوقت ولكن لا ينبغي أن يُترك العنان لمثل هذه الأفكار بل يجب التعامل معها بحرص حتى لا تصير دافعاً يقتل الحوار، ووسيلة يلجأ إليه الكثيرون لتبرير الفشل.

وعدّد الدخيل أنواع الحوار الحضاري والتي يمكن الإشارة إليها بوصفها مستويات مختلفة لقاعدة الحوار، فهي تبدأ بالحوار المجتمعي داخل الدولة الواحدة بمشاركة كافة النخب السياسية والثقافية، فضلاً عن ذلك هناك الحوار الإقليمي وهو ما نبحث عنه في الوقت الراهن في ظل الحاجة الماسة إلى تفعيل أطر التواصل بين الدول العربية والإسلامية لتبني سياسات متسقة تحقق في مجموعها المصلحة المشتركة لشعوب المنطقة، ويبقى الحوار العالمي هو قمة الصيغ الحوارية على الإطلاق فهو مسعى تندرج تحته كافة الدول لتجاوز الأزمات ورفع قيمة ما يمكن تسميته بالمشترك الإنساني.

وسائل التواصل وتكريس الفكر الأصولي

أكد تركي الدخيل أن وسائل التواصل الاجتماعي والتي باتت من السمات المميزة للعصر الحالي، تم تطويعها في بعض الأحيان لنشر الطائفية والكراهية حيث استُخدمت التقنية الحديثة لتعزيز الفكر الرجعي، في حين كان من المفترض أن يتم استخدام هذه الوسائل المتقدمة وما توفره لنا من طرق اتصال حديثة في تعزيز قيم الحوار والاختلاف، مشيراً إلى أن عقلية المستخدم تلعب دوراً مهماً في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فالعقلية الذكية الباحثة عن الخير سوف تسعى إلى فعل الصواب، أما العقلية السلبية الباحثة دوماً عن المشاكل فستعمل على نشر الإحباط في المجتمع، لذا علينا أن نختار بحرص إذا ما يرغب البعض في أن يكون معولاً للبناء أم للهدم.

الإعلام وتعزيز الحوار الحضاري

واعتبر الدخيل أن الإعلام بكافة مكوناته وسيلة فعالة لدعم ثقافة الحوار وهو ما يحتم على صناع القرار والمهتمين بالشأن الإعلامي ضرورة الاستثمار في الكوادر والمواهب الإعلامية لتدريبها وتثقيفها بالطريقة التي تعزز قيمة الحوار الحضاري في نفوسهم قبل البدء بنشرها بين مختلف فئات المجتمع.

وفي نهاية الجلسة لفت الدخيل إلى أن الحوار الحضاري ليس غاية في حد ذاته بل وسيلة لتحقيق التفاهم وإقرار السلام بين البشر؛ فهو يؤسس لعهد جديد من الاستقرار والأمن واحترام القانون، مؤكداً أن مسئولية تعزيز الحوار الحضاري لا تقع على عائق الحكام فقط بل تمتد لتشمل كافة نخب المجتمع، مشيرا إلى ضرورة تطوير السياسات والبرامج اللازمة لبناء منظومة تعليمية تعتمد على طرح التساؤلات وبناء شخصية إيجابية قادرة على تغيير الواقع، مشدداً على أهمية القراءة والثقافة في مجابهة التحديات والعوائق التي تقف أمام نشر ثقافة الحوار الحضاري.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى