لن أخفي سعادتي وأنا الصحفي الحزين بتقدم المرشح الرئاسي ماكرون لسدة الحكم في فرنسا على حساب ماري لوبون ذات الأصول المصرية!
قلت في المقال السابق إنه لا يشرف مصري عربي مسلم أو مسيحي أن تكون جدة لوبون اليمينية المتطرفة الكارهة لقيم التسامح مصرية من شبرا أو من الزيتون.. وقلت كذلك كما يقول المصريون: العد في الليمون!
أدرك أن الأمر هنا – أمر الانتخابات والأصوات الفرنسية- شأن فرنسي بحت، لكن تأثيرات الرئيس الفرنسي شأن كل رؤساء أوروبا وأمريكا باتت تعمل عملها في أدق الخصوصيات العربية!
في ضوء ذلك أقول إن مجيء ماكرون لحكم فرنسا وهو الذي اعتذر عن فترة الاستعمار الفرنسي للدول العربية والفرنسية ينبغي أن يقابل بود عربي مماثل.
لا نريده أوباما جديداً ولا قديماً وفي المقابل لا نطمع في أن يكون أردوغان آخر أو شيراك أو ديجول ولكننا نريده رئيساً غربياً يحترم قيم العدل والإنصاف والتسامح، ويحترم كذلك خصائص وعقائد الشعوب..فضلاً عن احترام الإسلام.
والحاصل بل الثابت أن موقف لوبون الابنة من الإسلام والمسلمين يفوق في تطرفه موقف أبيها الذي علَّمها التطرف على أصوله قبل وبعد أن تذكرت فجأة أن جدتها مصرية.
في المقابل لا ينبغي أن نغالي كثيراً في رصد تصرفات اليمين المتطرف في أوروبا وقد بات لدينا في بلاد العرب يميناً أكثر تطرفاً بل أكثر عداءً لقيم بل وتراث بل وكتب الإسلام!
المؤسف والمخجل أنه بات لدينا دعاة تطرف ضد قيم ومناهج الإسلام أبشع من النازيين وحالقي الرؤوس!
لقد كان الخوف من البطالة وزيادة الجنس البشري من المسلمين في أوروبا أبرز عوامل تصاعد اليمين المتطرف في أوروبا فما الذي يدفعه للتصاعد في بلاد المسلمين؟!
إنهم يخافون على هويتهم منا كعرب ومسلمين فما الذي يخيفنا منا؟ ما الذي يخيفنا من العروبة في بلاد العرب ومن الإسلام في بلاد المسلمين؟
إنهم يحصنون أنفسهم من قيم الإسلام ومن مظاهر الإسلام مخافة ذوبان أجيالهم ومستقبلهم فما الذي يخيفنا من قيمه ومن مظاهره ومن كتبه ومناهجه ومن معاهده ومن جامعاته ومن روابطه ومنتدياته ومن أزهره؟
ما الذي يسمح لحالقي الرؤوس من العرب والمسلمين بالترويج لتطرفهم في القنوات الفضائية على النحو الذي نشاهده الآن؟
أفهم أن يصرخ يميني متطرف في أوروبا خوفاً من الحجاب أو من الأذان أو من المسجد لكني لا أفهم ولا أستوعب أن يتصاعد صراخ المسلمين في بلاد الإسلام!
أفهم أن يسيء باحث أوروبي فهم حديث شريف أو آية لكني لا أفهم أبدا أن تصبح المطالبة بحذف حديث أو شطب آية شعاراً للمرحلة في بعض العواصم العربية.
أفهم أن تظهر في ظل اليمين الأوروبي المتطرف محاكم تفتيش جديدة لكني لا أستوعب نصبها في صحف وقنوات العرب على شكل أعمدة وبرامج.
أفهم أن يخشوا في الغرب من حصص وكتب التربية الإسلامية لكني لا أستوعب أن تتم المطالبة بإلغائها في الدول العربية.
سيقولون لك إنه الخوف من العنف والتطرف ،فقل لهم إنه الحق الذي يراد به باطل.. ولاعزاء لصبيان فيلدرز ولوبون الأب والابنة ..بل والجدة حتى وإن كانت من المنوفية!