ليس جديدا ان يرى الاردنيون مليكهم بلباس الجيش وهو الجندي المحترف والقائد الاعلى للقوات المسلحة , مصنع الرجال ومحطّ الفخار , لكن توقيت الرسالة المصورة التي نشرها الديوان الملكي يحتاج الى قراءة وتحليل , فالملك يطلق الذخيرة الحية في التمرين ويقود مجموعته , وكل هذه التفاصيل مدروسة بعناية و تقول بالفم الواضح ان رصاصنا جاهز وان قواتنا على أهبة الاستعداد , فإذا اختار الارهاب الرسائل المصورة لتهديد الاردن , فالملك يقود الرد بالذخيرة الحية , فالملك هو رأس الدولة وهو القيمة العليا لمواطنيها , واذا غضب الملك غضب لغضبه الاردنيون .
الفيديو تعبوي بامتياز وجاء في توقيت حساس لرفع المعنوية الشعبية التي تناقلت الفيديو على هواتفها النقالة وعلى صفحاتها التواصلية بفرح وقور وثقة راسخة , فالحرب على الارهاب تحظى بالاهتمام والجاهزية , والجيش العربي قادر على رد الاعداء وحفظ الحدود والحياض , وبالضرورة نحتاج في الحرب على الارهاب الى اعلاء قيمة الحرب النفسية , وقدم الفيديو المطلوب منه لرفع المعنويات الشعبية ورفع منسوب التفاؤل بعد موجة احباط قادتها الاجراءات والقرارات المتسربة من طبقة الحكم التي تعجز كل مرة عن اللحاق بخطوة الملك الجريئة والمباغتة .
الرسالة من الملك وبسلاحه الحيّ , وهذه بالغة الدلالة , بوصفه الزعيم العربي الوحيد والعالمي ربما الذي يقود المعارك على الارض بشخصه وصفته ومهارته , ويعرف مكامن القوة ونقاط الهجوم , فخبرته العسكرية ومهارته الشخصية في القيادة الميدانية يعرفها القاصي والداني وهي محط اعجاب كثيرين , والرسالة تقول اننا نقود بأنفسنا معاركنا , ونقضي على الخصوم والاعداء بأسلحتنا , ولسنا دولة تحتاج الى حماية او الى قوات دولية او الى مساعدة او استئجار مقاتلين , فالجيش وقائد الجيش وحدة واحدة عمادها الاحترافية والعقيدة الوطنية الراسخة رسوخ الجبال .
يختار غيرنا الرد على التهديدات بخطاب تعبوي وربما بصفقة سلاح متطور وربما بمعاهدة دفاع مشترك او استيراد قوات وشركات حماية , لكن الملك عبد الله وحده الذي يرد بيده وبسلاحه , ينزل الى الميدان ويقود الجند , بينما يجلس الاخرون على منصات الفُرجة وتحت مظلات تقي لهيب الشمس , وهنا مكمن قوة الرسالة وصداها الداخلي والخارجي , فالعدو عليه ان يعلم انه يواجه شعبا كاملا سبق ان واجهه في اربد والكرك ولا نذيع سرّا اذا قلنا ان الملك بنفسه اشرف على عمليات مداهمة لاوكار الاجرام والارهاب وبشكل متواصل ومتصل .
الرسالة لا تحتاج الى عوامل قوة , فهي تحمل كل القوة اللازمة لوصولها الى مبتغاها , وهي رسالة فريدة بكل الاحوال ولا يستطيع عليها الا قائد يعرف تماما مقاصده واهدافه ويعرف اكثر طبيعة الخصم الذي يجب ان تصله الرسالة , وبالقطع يملك الملك كل هذه المقومات , لكن عمق دلالتها بأنها رسالة ملكية بالذخيرة الحيّة , اطلقها الملك من سلاحه العسكري وبرفقة رفاق سلاحه , فالجيش كا وسيبقى هو مخزن الدولة الاستراتيجي وهو القادر على منح الاردنيين الاطمئنان والثقة ليس بعدالة حربهم فقط بل بقدرتهم على تكسير الخصوم ومرغ انوفهم في التراب .
بالرصاص الحي ومن معاقل المؤسسة العسكرية الراسخة جاء الرد الملكي على كل من تسول له نفسه العبث بالامن الاردني , وهي رسالة صادمة لكل خصم بالضرورة ورسالة أمل وثقة لكل اردني وكل انسان يعرف قيمة الحياة وضرورة الحفاظ عليها من اعداء الحياة وهي رسالة لا يقدر عليها الا ملك تسكنه الانسانية ومستعد للدفاع عنها باخلاق القوة وبذراع قوي .