أشياء كثيرة يفترض انها ستُدفن الآن في مقابر خان شيخون، الى جانب الضحايا التي قضت بالغازات السامة. هذه العراضة الوحشية للموت لا يمكن ان تمر كما مرّت سابقاتها، منذ قصف الغوطتين في آب من عام ٢٠١٣، ووقوع باراك أوباما في حيلة فلاديمير بوتين نزع ترسانة سوريا الكيميائية التي لا تزال ناشطة.
لا تستطيع موسكو ان تجعل الفيتو في مجلس الأمن كفناً للضحايا ومقبرة لكل ما سمعناه تحديداً من دونالد ترامب وإدارته الجديدة، التي عندما تحمّل أوباما مسؤولية الجريمة الجديدة في خان شيخون، لن يكون في وسعها طبعاً ان تتعامى عن النظام السوري كما تعامى أوباما، وحتى لو تعامت لن يستطيع بوتين في المقابل ان يمحو من سجله فظاعة التغطية على الجريمة وتحميل الأطفال القتلى مسؤولية وجودهم المزعوم في ورشة صنع القنابل، هذه تغطية تافهة لا تليق بدولة تريد ان تقنع العالم انها كبرى ومسؤولة وتحارب الإرهاب.
لا يستطيع ترامب ان يرفع سقف غضبه وتهديداته الى حد التلويح بالذهاب الى عمل فردي عسكري أميركي من خارج الأمم المتحدة رداً على الجريمة، ثم يلحس كلامه وينام كما فعل أوباما من قبله، إن فعل ذلك سيجد لصورته وهيبته مكاناً رحباً في مقابر خان شيخون، الى جانب صورة وهيبة بوتين الذي سيبدو دائماً شريكاً مضارباً او حامياً للجريمة المروعة.
عندما يقف ترامب أمام الصحافيين ويقول إن الجريمة تجاوزت كل الخطوط الحمر، وان جثث الأطفال كان لها وقع كبير عليه، وإن الافعال الشنيعة لنظام الأسد لا يمكن تحملها، «وان سوريا مسؤوليتي، وأنني لا أعلن خططي العسكرية على الملأ … وسترون»، فإنه يضع كل صدقيته وكل هيبته وكل صدقية وهيبة أميركا على المحك، بمعنى انه اذا نفّذ تهديداته فإن أشياء كثيرة في سوريا وفي العلاقات الإقليمية والدولية ستوارى في تراب خان شيخون، واذا لم يفعل شيئاً كما يريد له بوتين فإنه سيدفن صورته هناك.
وعندما يقول ريكس تيلرسون إن الوقت قد حان لكي يفكّر الروس فعلاً في مسألة دعمهم لنظام الأسد، وتقول سفيرته في الأمم المتحدة نيكي هايلي «إن روسيا فقدت إنسانيتها وكم من الأطفال ينبغي ان يموتوا قبل ان تهتم روسيا»، لا يستطيع تيلرسون ان يهبط يوم الثلثاء في موسكو مصافحاً بوتين وسيرغي لافروف، على رغم الفيتو المحتمل في مجلس الأمن حماية للجريمة .
فعلاً أشياء وسياسات ومواقف كثيرة ستدفن الى جانب أطفال خان شيخون التي باتت مفترقاً حاسماً في الحرب السورية، حيث قد تُوارى صورة بوتين كحام للمقتلة الى جانب هيبة ترامب كساكت عن المقتلة، ومع الإثنين كفن رثّ لصدقية العالم كله !