لا يترك الأردن موقعا عربيا او دوليا، الا ويتحدث فيه، عن الكلفة الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، للازمة السورية، عبر ملف اللاجئين.
غير ان علينا ان نعترف اليوم، ان الازمة السورية، باتت في احد اوجهها ازمة اردنية، جراء الضغط على العصب العام، واستحالة الطلب من السوريين مغادرة الأردن، فهذا غير جائز أخلاقيا، وقانونيا، وانسانيا، فوق روابط العروبة والدين.
المبعوث الاممي للازمة السورية، قال للامين العام لجامعة الدول العربية، رايا خطيرا، اكشفه هنا، اذ قال له، ان الازمة السورية، متواصلة، ولن تتوقف سلما، قبل عامين، هذا اذا بقيت الأمور على ماهي عليه، فكيف اذا تدهورت عسكريا او امنيا؟!.
هذا الكلام يلتقي مع كل التحليلات عن ازمة سورية مستدامة، امام سيناريوهات كثيرة، فهي حرب لن تتوقف غدا، ولن يصحو السوريون بعد غد ليغادروا الأردن.
لا نريد ان نبث الاحباطات، لكن استمرار مراهنة الأردن على المساعدات الدولية والعربية، استمرار يتوجب مراجعة معاييره، اذ برغم المساعدات التي تتدفق جزئيا، الا اننا امام مشهد معقد، اذ بيننا اكثر من مليوني سوري، يزيد عددهم لسببين، استمرار تدفق السوريين، ثم زيادة عددهم بشكل طبيعي جراء الانجاب والزواج، وهذا يعني اننا بعد عقد من الزمن امام عدد اكبر من السوريين في الأردن.
يشار هنا، الى ان الحكومات المتعاقبة، تريد توظيف الملف السوري، لتبرير الإخفاقات الاقتصادية في الأردن، عبر الكلام عن ازمة سورية مستعصية في الأردن، وهذا امر غير عادل على صحة بعض جوانبه، كما ان الاشقاء السوريين يظنون للأسف ان الأردن يتكسب عليهم، ويجمع المساعدات المالية بأسمهم، وهذا غير صحيح.
ضغط اللجوء السوري على الأردن، يأتي من باب المنافسة على وظائف العمل، والتأثير على مستويات ايجار البيوت، إضافة الى الضغط على البنى التحتية، والتأثير على الخدمات مثل التعليم والعلاج، إضافة الى أي ارتداد اجتماعي متعلق بالبنية الثقافية، واي ممارسات خاطئة، تتعلق بالجريمة، وهي ليست حكرا على السوريين في كل الأحوال.
ما يراد قوله اليوم بشكل واضح وصريح، ان إدارة الازمة السورية في الأردن، عبر سياسة الاستغاثات والمناشدات وشرح طبيعة المشكلة، امر غير كاف، وقد يساعد جزئيا، ولابد من حل جذري، فقد بات لدينا مليوني سوري، يتشاركون معنا بكل شيء، واغلبهم سيبقى حتى لو توقفت الحرب، ولابد من حلول مختلفة، حتى لايبقى الأردن، واقفا امام بوابات المؤسسات الدولية، يحاول اقناعها ان الوضع بات غير محتمل.
الذين اشعلوا الحرب السورية، يتفرجون بكل بساطة، على نتائجها، ولم يعد يهمهم من يدفع الثمن، سواء من السوريين، او دول الجوار، وهذه حقيقة يقر بها الجميع.
الكتلة السورية في الأردن، مؤهلة للبقاء طويلا، وقد سمعت اكثر من مسؤول غربي أميركي واوروبي، يقول ان هؤلاء سيبقون لعقدين، والتقديرات الرسمية الأردنية غير المعلنة تتحدث عن عودة 300 الف سوري اذا توقفت الحرب في احسن الحالات.
يبقى السؤال: هل يعقل ان يدار هكذا ملف، من الناحية الاقتصادية، بمواصلة حض العالم على دفع العالم، وتقديم اثباتات حول الكلفة المترتبة على الأردن، وهل يحتاج الأردن الى اثباتات حول ما يواجهه الأردنيون والسوريون أيضا؟!.