“>عندما يتوقع خبراء الأرصاد الجوية حالة الطقس ليوم أو أسبوع إلى آخره، لن يغير تصديقنا لتوقعاتهم أو درجة تفاعلنا معها من حالة الطقس المستقبلية. يعني لن يأتي الطقس البارد لمجرد أننا لبسنا الملابس الثقيلة أو أطفأنا التكييف والعكس صحيح. لكن الوضع مختلف تماماً عندما نتعامل مع توقعات تخص سلعاً أو أسواقاً وخلافه. فعندما يتوقع أحدهم أن سوق الأسهم سينهار أو ستحدث كارثة تؤثر فيه، فإن من سيصدقه سيقوم بعمليات البيع فوراً، تجنباً لتلك الكارثة. ما يعني أنهم سيسببون هبوطاً في السوق يزيد من حيرة من كان يشك في صحة تلك التوقعات، ليعتقد أكثر بصحتها، ثم يقوم بالبيع… إلخ. هكذا تتوالى التأثيرات المختلفة إلى أن يصبح هبوطاً حاداً أو تأتي أخبار جيدة جداً تغير مسيرة الهبوط السابق. والغرض من استعراض ما سبق هو توضيح أن أي توقعات، سواء كانت إيجابية أو سلبية للسوق، قد تتحقق لمجرد أن يصدّ.قها المتداولون فيه. وذلك طبعاً لتأثيرها في كل من العرض والطلب.
انتشر قبل أيام أكثر من فيديو يوضح تأثير «الشميته» أو السنة السابعة الواقعة في نهاية الدورة الزراعية المذكورة في التوراة عند اليهود على أسواق المال والعالم بشكل عام. لكن قبل الدخول في التفاصيل لابد من معرفة أن «الشميته» هي السنة التي لا تسمح فيها تعاليم التوراة بأي زراعة جديدة أو تطوير زراعي، بل فقط العناية بما هو موجود من أجل الحفاظ عليه. كذلك تشير التوراة إلى أن أي شجر جديد ينمو في هذه السنة هو ملكية عامة، أي يستطيع أي أحد أن يقطف ثماره، وأنه يجب المسامحة في سداد الدين خلال هذا العام كأسلوب لمساعدة الفقراء كما حال الزكاة والصدقات عند المسلمين. وحتى نعرف مدى أهمية توقعات هذا الفيديو بحصول أزمة كبيرة عالمياً شهر سبتمبر المقبل، سنستعرض من خلال بعض الحقائق نقاط الضعف والقوة لما ورد فيه.
نقاط الضعف
يحدد الفيديو أزمات السوق بأنها كل سبع سنوات، بينما هناك أزمات في سنوات مختلفة مثل الأزمة الأسبوعية سنة 1997، وأزمة ديون روسيا سنة 1998، والأربعاء الأسود سنة 1992، وغيرها الكثير من الأزمات التي سببت هبوطاً في الأسواق العالمية، ولم تكن ضمن دورة السنوات السبع المزعومة.
– من يطبق هذه القوانين هم فئة اليهود الأورثوذوكس المتدينين، ويشكلون %26.5 فقط من يهود اسرائيل و%13 من يهود الولايات المتحدة.
– خصوصية الجوبلي أو اليوبيل غير مطبقة عند اليهود منذ مئات السنين حتى المتدينين فيهم.
– نسخة الفيديو باللغة الانكليزية تسوق للاشتراك في خدمة رسائل اخبارية مقابل 39.95 دولاراً، وتطلب منك البريد الالكتروني للحصول على التقرير بهدف تكوين قائمة بالمهتمين بمثل هذه النظريات الغريبة وبيع خدمات اخرى عليهم في المستقبل. كذلك يمكن بيع القائمة نفسها على خدمات أخرى.
– يتوقع المتحدث في النسخة الانكليزية انهيار الدولار بسبب ديون الولايات المتحدة الكبيرة وامكانية طباعة لا محدودة للدولار متى ما رأت الحكومة الاميركية ذلك.
وفي الوقت نفسه يسوق لعملة البيتكوين التي يمكن اضافة المزيد منها بكبسة زر فقط.
– لا يوجد خيار لدفع الاشتراكات للخدمة التي ستحميك من مشكلة الشميته بالبيتكوين. تقبل الدفعات بالدولار فقط، الذي سينهار قريبا، وعن طريق الباي بال!
نقاط القوة
لكن لماذا قد تكون هناك عوامل تدفع الناس لتصديق ما ورد بالفيديو، أي نقاط القوة وهي:
– بدأ الحديث عن أزمة عالمية ومخاوف من حدوثها بسبب أزمة الصين التي بدأت منذ يونيو 2015 وتفاقمت في أغسطس من العام نفسه.
– هبوط النفط الى اسعار لم نشاهدها أخيرا الا خلال الأزمة المالية العالمية.
– صعود السوق الاميركي لسنوات طويلة منذ 2009 مما يزيد صعوبة استمرار التنبؤ بالصعود.
– الاقتصاد يمر في دورات مختلفة منها ما يتراوح بين 3 و5 سنوات (دورة المخزون) أو بين 7 و11 سنة (دورة الاستثمار الثابت) او بين 15 و25 سنة (دورة البنية التحتية) الخ.
– وجود أزمات اقتصادية يمكن تركيبها لتؤيد مفهوم دورة السبع سنوات.
– وجود %15 من اليهود على مستوى العالم في مدينة نيويورك وهي أهم مركز مالي في العالم (تحتل الترتيب الثاني عالميا بعد مدينة تل أبيب %19).
– انتشار النسخة العربية بشكل كبير جدا ربما يكون بسبب اعتقاد الكثيرين المستمر بوجود مؤامرات خيالية من قبل اليهود على المسلمين وغيرهم، بالاضافة الى تنبؤ رياضي سابق مشهور بصحة أحلامه بحدوث كارثة في هذا العام.
خلاصة
قد تكون هناك أزمة هذا العام او العام الذي يليه وقد لا يكون هناك شيء يذكر من هذا القبيل.
لكن ما لا يقبله المنطق ان تكون قراراتنا المالية مبنية على فيديو لشخص يسوق لخدمة اخبارية خاصة به ليكسب المال او على من قام بترجمة ذلك الفيديو ونشره بسبب قلة المعرفة ولتحقيق الشهرة.
نقلا عن صحيفة القبس الكويتية