نون والقلم

غزة: تهدئة أم عدوان جديد؟

كثر الحديث في المدة الأخيرة عن تهدئة شاملة وطويلة الأمد بين الاحتلال وحركة حماس تشمل قطاع غزة، وتمهد لرفع الحصار عن القطاع، وتتيح متنفسًا لأهله بعد سنوات تشديد الخناق من قبل الاحتلال والنظام المصري على حد سواء.

ترافق هذا الحديث وحملة إعلامية قادتها مجموعات محسوبة على السلطة، حاولت فيها تشويه هذا الحراك الساعي لرفع الحصار عن غزة، وتضخيمه في الوقت نفسه، على حساب تلميع صورة السلطة المتآكلة أمام شعبها، بعد أن فضح التعاون والتنسيق الامني كثيرًا من رجالاتها وكشف زيف مواقفهم.

بالمقابل عاد الاحتلال من جديد إلى الحديث عن قدرات حركة حماس العسكرية في قطاع غزة، ما يوحي بأنّ ثمة ما وراء هذا الحديث الذي لا يبدو عفويًّا، لكن هذه المرة قد يفهم من الأمر أنه تهديدات وتمهيد لشن حرب جديدة، أو تهيئة للرأي العام الإسرائيلي لاتفاق تثبيت وقف إطلاق النار الذي يجري الحديث عنه.

ما يقلق الاحتلال _وفق تصريحات قادته الأمنيين والسياسيين_ هي الأنفاق الأرضية التي تحفرها، أو حفرتها حماس في الحرب الماضية، وأربكت حسابات الاحتلال خلال العدوان الأخير، وعجلت في إنهاء العملية البرية التي كان مخططًا لها التمدد في القطاع، للسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية.

قائد ما يسمى المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال سامي ترجمان، الذي أصيب بنيران حماس في حيّ الشجاعية في العدوان الأخير على غزة كشف أن تهديد الأنفاق الهجومية التي تحفرها حركة حماس على حدود القطاع هو الأخطر على الجيش والمستوطنين، واكتفى ترجمان في مقابلة مع قناة التلفزة العبرية الأولى بتأكيد صعوبة مواجهة الأنفاق بسلاسة، لكنه رفض في الوقت نفسه الحديث عن مرور الأنفاق إلى داخل الأراضي المحتلة، بزعم أنه لا يريد أنّ يقدم خدمة مجانية معلوماتية لحماس.

وقال ترجمان: “إنّ أحد أهم تحديات الجيش تتمثل في التمكن من سحب الأنفاق أداة من يد حماس”، مشيرًا إلى عمل مستمر في الجيش والأمن الإسرائيليين من أجل التوصل إلى حلول ناجحة وناجعة في مواجهة هذه الأنفاق.

المسؤول العسكري الإسرائيلي لفت إلى أنّ الجيش قد يوصي بإخلاء عدد من المستوطنات المتاخمة لغزة في حال اندلاع مواجهة جديدة مع القطاع، غير أنه حاول تقليل سوء هذا الخيار بتأكيد أنّه في الحروب عادة ما يجري إخلاء مناطق من سكانها، وذكر أنّ “حماس تملك جيشًا منظمًا في القطاع، يضم آلاف المقاتلين موزعين على عدد من الألوية، وأنه أعدّ ملفًا ضخمًا لخلفه في المنصب إيال زمير، وفيه وجه وشكل الحرب القادمة مع غزة، التي سيتركز جلها تحت الأرض”.

وفي أول تصريح من نوعه أكد ترجمان أنّ القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف لا يزال حيًّا، ويقود الكتائب كما كان في الحرب وقبلها، وفي ذلك اعتراف صريح بفشل محاولة اغتيال الضيف في الحرب الأخيرة، بحسب زعم الاحتلال.

تصريحات ترجمان تبدو غير عادية، وإن كان مفهومًا قولها في هذا الوقت قبل نحو شهر من تركه منصبه؛ فالاحتلال في هذا الوقت الصعب على كل الجبهات يبدو أنه يهيئ جمهوره إلى اتفاق التهدئة المتوقع مع حركة حماس في أي لحظة، ولكنه في الوقت نفسه لا يغفل خيار الحرب مع الحركة وقوى المقاومة الفلسطينية في غزة.

هناك حاجة لدى المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي للتمهيد إلى أي اتفاق تهدئة قد يطول مع حركة حماس؛ لأنّ البرامج السياسية والعسكرية والأمنية للكيان العبري كانت تركز على القضاء على الحركة، لا التفاوض معها عبر وسطاء للوصول إلى اتفاق تهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار.

لكن تبعات الموقف في سورية، واحتمالات تورط الكيان في الصراع الدائر هناك، بعد تزايد التلميحات عن قرب ذلك، واستعداد جيش الاحتلال للتدخل في أي لحظة تزيدان من مخاطر الحرب أو العدوان المقبل على غزة، لاسيما أن الاحتلال لن يتوانى عن محاولة اقتناص أي فرصة لمواجهة المقاومة الفلسطينية في غزة.

نقلا عن فلسطين اون لاين

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى