لم تكن صدفة مبادرة ياسر عبد ربه الشخصية القيادية الابرز بعد الرئيس محمود عباس لدى الشعب العربي الفلسطيني ، في دعوته لعقد اجتماع لاطراف مطبخ التفاهم الفلسطيني المكون من الرباعي : 1- اللجنة التتنفيذية ، 2- هيئة مكتب رئاسة المجلس الوطني ، 3- الامناء العامون للفصائل والتنظيمات ، 4- بعض الشخصيات المستقلة ، دعوتهم لاجتماع في عمان ، تمهيداً لعقد دورة يتم التفاهم عليها وبشانها سياسة وتنظيماً وفق التقاليد الفلسطينية المتبعة في مثل هذه الحالة ، والتي سبق وارساها الثلاثي عرفات وحبش وحواتمة باعتبارهم قواعد التفاهم الفلسطيني ، واحد اهم اسباب نجاح التمثيل والاستمرارية والوحدة في اطار منظمة التحرير . ولم يكن صدفة نداء حسن عصفور ابن غزة والوزير السابق وعضو المجلس الوطني الفلسطيني من خلال مقالته عن الاردن تحت عنوان “ الاردن انقذ الشرعية مرة … كمل جميلك “ ، فقد سبق للاردن ان ساعد في حماية الشرعية الفلسطينية عام 1984 بعقد الدورة 17 للمجلس الوطني الفلسطيني ، ويمكنه ان يفعل ذلك مرة اخرى وهو نفس التوجه الذي قاله ودعا اليه ياسر عبد ربه . الاردن منذ ولاية الملك عبد الله الثاني اتخذ سياسة حكيمة صارمة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربي ، هذا ما حصل في العراق وسوريا وغيرهما ، وهذا ما حصل ولا يزال بشان فلسطين ، ولكنه من موقع مصالحه الوطنية اولاً وخدمة للقضايا القومية المشتركة والمتداخلة ثانياً يقوم بواجبه في اسناد الاطراف العربية الشقيقة بوسائل واساليب سياسية ومدنية وعلاجية وغيرها من عناوين الدعم والاسناد تضامناً وواجباً ، وفي طليعة هؤلاء دعم واسناد الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد له . ياسر عبد ربه في مبادرته عبر رسالة موجهة لرئيس المجلس الوطني سليم الزعنون جاء فيها : 1- عقد اجتماع فوري في مقر المجلس الوطني في عمان ، يضم اعضاء اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس والامناء العامين وعدداً من الشخصيات الوطنية الفاعلة كهيئة تحضير فعلية لاعمال المجلس الوطني ، واقول في عمان حتى يتمكن كل الامناء العامين للفصائل غير القادرين على دخول الوطن من المشاركة ، مثل الاخ نايف حواتمة (الجبهة الديمقراطية) والاخ ابو احمد فؤاد (الجبهة الشعبية) وسواهما . وهدف الهيئة التحضيرية هو وضع جدول اعمال تفصيلي وجدي للمجلس الوطني ، وان يشمل عملها كذلك الاتفاق على برنامج انقاذ وطني،يتضمن وقف التنسيق الامني واعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادي ، كما يتضمن اشراف المجلس الوطني مباشرة عبر تشكيل لجنة من اعضائه على عملية المصالحة الوطنية ولمنع انفصال غزة ، بالتعاون مع اللجنة التنفيذية القادمة ، وكذلك ايجاد آلية للرقابة على السلطة وعمل قيادتها وحكومتها ومؤسساتها كلها ، مدنية وغير مدنية ، بتشكيل هيئة مشتركة بين اللجنة التنفيذية القادمة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني لوقف الانفراد ، وللرقابة الملزمة على تنفيذ قرارات المجلس الوطني القادم ، والعمل كذلك على تطوير المقاومة الشعبية ، ومساندة مؤسسات القدس كلها وتخليصها من التهميش الذي تعاني منه . 2- الاتفاق في هذه الهيئة التحضيرية على كيفية انتخاب اعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة وفق قانون المنظمة ، ووفق تقاليدنا السابقة القائمة على التوافق الوطني . 3- انتخاب المجلس المركزي الجديد لمنظمة التحرير الفلسطينية . 4- تشكيل لجنة رقابة مالية من المجلس الوطني على اعمال الصندوق القومي الفلسطيني وصندوق الاستثمار الفلسطيني ، وكذلك تشكيل مجلس ادارة للصندوق القومي كما ينص عليه نظام منظمة التحرير ، واعادة تشكيل لجان المجلس الوطني المختلفة . 5- اعتبار ان هذه الدورة للمجلس الوطني هي آخر دورة له بهذا التشكيل القائم ، واعادة تشكيل المجلس بالانتخاب او بالتوافق الوطني ، بحيث يضم 350 عضواً ومشاركة حماس والجهاد فيه ، كما جرى الاتفاق سابقاً على ذلك ، وان يعقد المجلس الجديد اجتماعه كمجلس وحدة وطنية خلال ستة اشهر “ . وفي مقالته التي عنونها “ الاردن انقذ الشرعية الفلسطينية مرة “ واطلق عليها مباردة “ كمل جميلك يا اردن “ قال فيها حسن عصفور ما يلي : “ الآن ، ملامح المؤامرة على الشرعية الوطنية الفلسطيينية تفوق كثيرا ما كان عام 1984 ، مؤامرة ترمي لطي صفحة “المستقبل الفلسطيني “ ، ليفتح الباب امام بروز “ اقطاعيات سياسية “ في مناطق الضفة واقامة “ امارة في غزة “ ، ما سينعكس “ خطرا استراتيجيا على الاردن لما بينه وفلسطين من روابط بلا حصر ، كما انه ايضا سيصيب مصر منها شررا.. الاردن وبتنسيق مع الشقيقة الكبرى مصر، وتشاور مع بعض ممن يستحقون المشورة ، يمكنه ان يلعب دورا محوريا لانقاذ “ الشرعية الفلسطينية “ من”مؤامرة تصفية “ لا مستفيد منها الا دولة الكيان ، وخسائرها تطال الكل غيره ، لذا يبقى الامل ان تبادر القيادة الهاشمية في شخص الملك عبدالله ، بدعوة الرئيس محمود عباس ، بان يؤجل مجلسه الخاص ، وان تستضيف ارض المملكة اجتماعا قياديا فلسطينيا ، يضم كل قواه من هم داخل المنظمة ومن هم خارجها وبالتحديد حركتي حماس والجهاد ، يتلقوا في مقر المجلس الوطني الفلسطيني في “ حي دير غبار – الديار “ بالعاصمة عمان ، وان لا يغادورها حتى اعلان الاتفاق الوطني الشامل على كل محاوره ، بما فيه انهاء الانقسام . مبادرة “كمل جميلك يا اردن” ، هي مساهم كبير جدا لانقاذ الشرعية الوطنية الفلسطينية من المؤامرة ، بدعم مصر، خاصة في ظل علاقة هي الافضل منذ سنوات بين الاردن ومصر دولا وقادة..هل يامل شعب فلسطين وطنا وشتاتا في رؤية “كمل جيملك يا اردن حقيقة سياسية” ، ذلك هو الامل المنتظر منك يا ابو حسين “! مبادرتا ياسر عبد ربه وحسن عصفور ، تحتاج للالتفات والاهتمام لسببين : اولهما : لان الشرعية الفلسطينية بحاجة للدعم والاسناد والانقاذ من نفسها ومن تجاوزاتها وبعض مظاهر الفردية والتسلط غير المبرر داخلها ، ولان الخلافات الجارية بين صفوفها ، هي خلافات الفريق السياسي الواحد ، الذي يحتاج للنصح بدلاً من ان احداً “ يركب راسه “ . وثانيهما : لان المساس بالشرعية الواحدة واضعافها وتمزيقها ينعكس سلباً على الامن الوطني والقومي الاردني ، وعلى الدور الاردني المبادر والمساهم والشريك في تحمل تبعات المازق الفلسطيني . هل تاخرت المبادرات ؟؟ هل يتردد صاحب القرار ؟؟ الوضع يحتاج لسرعة التجاوب لمصلحة فلسطين ومصلحة الاردن ، فهل يقع الفعل نزولاً عند الدعوات ، وادراكاً لحجم المخاطر ، نأمل ذلك .
نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية