إذا كانت الهجرة بمفهومها الواسع هي حركة سكانية حيث يتم فيها تنقل الفرد او الجماعة من موطن سواء كان موطنه الاصلي او العكس الى موطن اخر يختاره بنفسه وفق ما تمليه عليه ظروفه الخاصة . فإن الهجرة تنقسم الى قسمين هجرة داخلية و تنقسم بدورها الى هجرة من المدينة الى البادية والعكس صحيح وهجرة خارجية اي من دولة الى اخرى، والهجرة الخارجية بدورها تنقسم الى قسمين الهجرة القانونية او المنظمة بموجب قوانين معدة لهذا الغرض وهجرة غير قانونية او ما يطلق عليها بالهجرة غير الشرعية وهذا هو الموضوع الذي اود التطرق اليه مع العلم انه موضوع شائك ويحتاج الى اكثر من وقفة.
لقد عرفت الامم المتحدة الهجرة على انها حركة السكان من منطقة جغرافية الى منطقة جغرافية اخرى بغرض الاقامة . ومن خلال هذا التعريف يمكن ان نستنتج ان الهجرة بصفة عامة حسب تعريف الامم المتحدة ينبني على عنصرين اساسيين وهما عملية عبور الحدود وكذلك بغرض الاقامة لكن هل يمكن ان نعتبر ان الهجرة السرية هي كذلك تهدف الى الاستيطان او الاقامة في بلد ما وهذا يمر بالضرورة عن طريق عبور الحدود . طبعا لا يمكن لان هذا التعريف وان لم يتطرق الى مسألة الشرعية فإنه لا يمكن ان نعتبر الحالتين متساويتين لان الهجرة السرية تخرق القوانين والاعراف الدولية وهذا له مسبباته وعوامله الخاصة.
وبالرغم من اعتبار حرية التنقل جزءا من حقوق الانسان إلا ان هذا الحق يمكن ان يمارس داخل الدولة الواحدة مع امكانية تقنين ما دون ذلك، وللتخفيف من هذه الظاهرة يمكن تخصيص نسبة معينة من عقود العمل تخصص للدول المصدرة للمهاجرين السريين .
ومن هنا يمكن ان ننطلق من ان تونس هي إحدى الدول التي يعمد شبابها الى ركوب البحر نحو اوروبا بطريقة غير شرعية وخاصة نحو السواحل الايطالية وما يتسبب فيه ذلك من احراج للدولة المقصودة ومن مآس للعائلات التونسية التي تفقد ابناءها. لذلك نرى ان الدولة التونسية من واجبها ان امكن ان تتوصل الى اتفاقيات مع السلط الاوروبية وخاصة الايطالية لتسهيل منح تأشيرة السفر الى عدد من الشباب الذي يريد السفر اليها من اجل العمل على ان يكون العدد معقولا وغير مشط وان تعمد الدولة الى وضع قائمات من يريد السفر وعرضها على الدول المستضيفة كلا حسب سيرته الذاتية وهو ما يجعل من الدول الاوروبية ربما تراجع صرامتها في التعامل مع هذا الملف لأنها قد تجد في من يريدون العبور اليها كفاءات واختصاصات ويدا عاملة يمكنها الاقامة لديها دون مشاكل. وبذلك تحد من هذا الانتحار الجماعي الذي يقدم عليه بعض الشباب التونسي .كما ان توصل الدولة الى حلول مع الاطراف الاوروبية وخاصة ايطاليا يحد من افة اخرى وهي هروب شبابنا الى بؤر التوتر والارهاب ليس ايمانا بالفكر الهدام الذي يتبناه الارهابيون بل طمع في المال والكسب السريع كما تعدهم بذلك المواقع التي جعلتها عصابات المتاجرة بالبشر من اجل استقطاب شبابنا. نأمل في ان تنطلق الدولة التونسية خاصة وهي الشريك المتقدم مع الدول الاوروبية في البحث عن حلول من اجل انقاذ ابنائنا من هذا التيار الجارف.
نقلا عن صحيفة الشروق التونسية