قد يستغرب بعض القراء الكرام من عنوان المقال ويطرحون تساؤلاً؛ كيف تكون الحرب العسكرية على الإرهاب هي ذر للرماد في العيون ؟ ألم تؤدي هذه الحرب دورها بشكل كامل وتؤتي ثمارها بكل موضوعية ودليل هذا القول هو الإنتصارات التي تحققها القوات العسكرية والأمنية في العراق على سبيل المثال حيث كسرت شوكت تنظيم داعش الإرهابي فبات عناصر هذا التنظيم بين قتيل وهارب ومتخفِ بين النازحين ؟ فكيف تكون الحرب العسكرية ضد الإرهاب ذر للرماد في العيون ؟.
وهنا نجيب على هذا التساؤل؛ نعم جاءت هذه الحرب العسكرية بنتائج وثمار وهي استعادة الأرض السليبة وكسرت شوكة داعش, مع التثمين لتضحيات القوات الأمنية والعسكرية التي قدمت في سبيل تحرير العراق من هذا الشر, لكن هل انتهى الأمر ؟ أين سيذهب المتبقين من هذا التنظيم ؟ وأين سيلجأ الذين تخفوا بين النازحين ؟ سوف يعيد هذا التنظيم نفسه من جديد حتى لو بشكل أو مسمى أخر وسوف يضرب دول أخرى وأماكن أخرى والسبب في ذلك هو الفكر والعقيدة التي يؤمن ويعتقد بها, فالحرب العسكرية أوقفت زحف مادي لكنها لم توقف المد الفكري لم تردم المنبع الذي يضخ هذا الفكر الإرهابي التكفيري الدموي, وهذا يعني إن الحرب العسكرية حتى لو قضت على التنظيمات الإرهابية سواء داعش أو غيرها لكنها لم ولن تقضي على الفكر الذي يمول هكذا تنظيمات بالأفراد, وهنا نسأل إذا كانت الحرب تقتصر على الجانب العسكري فقط وفقط فإلى متى ستبقى شعوب العالم تحارب الإرهاب ؟ يقضى على تنظيم إرهابي فيخرج آخر ويستمر الحال هكذا, نعم قد يغيب ظهور هكذا تنظيمات فترة من الزمن لكنها ستظهر بعد فترة من الزمن.
لهذا نقول إن الحرب العسكرية فقط على الإرهاب هي ذر للرماد في العيون هي عبارة عن حلول ترقيعية مرحلية فقط وفقط وهي حرب غير مكتملة النصاب وستبقى حرب أزلية مالم يردم المنبع الفكري للإرهاب التكفيري الدموي, وعند ملاحظة الفكر والعقيدة التي تنتمي لها التنظيمات الإرهابية التي تسترت بالإسلام تجدها تعتنق فكر ومنهج إبن تيمية وأئمته وشيوخه, وهذا يستلزم محاربة الفكر التيمي التكفيري السافك للدماء المستبيح للأعراض والمقدسات والأموال.
هذا الفكر الذي جبل على النفاق ومرد فيه من أجل مطامع دنيوية سلطوية, حتى وصل النفاق عند شيوخ التيمية بأن ينافق بعضهم على بعض, ومثال ذلك ما ذكره المرجع الديني السيد الصرخي الحسني في المحاضرة التاسعة والعشرون من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) نقلاً عن كتاب« الكامل في التاريخ » لإبن الأثير ….
{{… ((الكامل10/(181): [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ(597هـ)]: قال ابن الأثير: أولا: [ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ]: ثانيا: [الْوَفَيَاتُ]: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، تُوُفِّيَ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلِيُّ بْنُ الْجَوْزِيِّ الْحَنْبَلِيُّ الْوَاعِظُ بِبَغْدَادَ، وَتَصَانِيفُهُ مَشْهُورَةٌ، وَكَانَ كَثِيرَ الْوَقِيعَةِ فِي النَّاسِ لَا سِيَّمَا فِي الْعُلَمَاءِ الْمُخَالِفِينَ لِمَذْهَبِهِ وَالْمُوَافِقِينَ لَهُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ))
التفت جيدًا: هذا من أئمّة التيميّة من أئمّة المارقة، ما هي صفات هذا الحنبلي ابن الجوزي؟ لست أنا من يُقيّم وإنّما ابن الأثير هو من يُقيّم وقد عاش معه وفي زمنه، يقول عنه : وَكَانَ كَثِيرَ الْوَقِيعَةِ فِي النَّاسِ. أي كان منافقًا، جاسوسًا، من وعّاظ السلاطين، حسودًا حاقدًا، فساعدكم الله أيّها الشيعة، أيّها الإماميّة، أيّها الصوفيّة، أيّها الأشاعرة، أيّها المعتزلة، أيّها الجهميّة، لاحظوا كيف يتسلّق ويصل إلى السلاطين وينافق على العلماء, فهذه هي صفات التيميّة وأئمّتهم فليس عندهم إلّا النفاق، يسلكون كلّ الطرق الشيطانيّة للوصول من أجل النفاق والإيقاع بالناس، لاحظوا تكفير مطلق، فلا توجد نهاية لهذا التكفير وللمآسي التي يمر بها المجتمع المسلم وغيره إلّا بالقضاء على هذا الفكر التكفيريّ، وما يوجد من حلول – إن سُمّيت حلولًا- فهي عبارة عن ذر الرماد في العيون، وعبارة عن ترقيعات فارغة، ولا جدوى منها إذا لم يُعالج أصل وفكر ومنبع وأساس التكفير، أمّا الحلول العسكريّة والإجراءات الاستخباراتيّة والمواقف الأمنيّة والتحشيدات الطائفيّة والوطنيّة والقطريّة والقوميّة والمذهبيّة والدينيّة فهذه لا تأتي بثمرة إذا لم يُعالج الفكرالتكفيريّ ومنبعه, لاحظ ما هو شغل ابن الجوزي؟ شغله أن يصل إلى منصب ينافق فيه على باقي العلماء فيصفيهم، فهذا هو عمل أئمّة التيمية لاحظ ماذا يقول ابن الكثير: وَكَانَ كَثِيرَ الْوَقِيعَةِ فِي النَّاسِ – هذا ابن الجوزي، وهو من أئمّة الدواعش المارقة التيميّة، من أئمّة التوحيد الأسطوري- لَا سِيَّمَا فِي الْعُلَمَاءِ الْمُخَالِفِينَ لِمَذْهَبِهِ وَالْمُوَافِقِينَ لَهُ. ولا نعلم هل يقصد ابن الأثير أنّ ابن الجوزي كان ينافق على العلماء ممن يخالفه بالمذهب وممن يوافقه بالمذهب؟ أو أنّه ينافق على مَن يخالفه بالمذهب مِن العلماء ومَن وافق هؤلاء في مذهبهم؟ بمعنى أنّه كان تكفيريًّا قاتلًا لم يسلم من تكفيره حتّى الموافقين لمذهبه فكيف باقي الناس؟, وإذا لم يسلم أتباع المخالفين له والموافقين للمخالفين فكيف بنفس العلماء المخالفين له، وهؤلاء من طائفته من السنّة فكيف بالشيعة الإماميّة وبالإسماعيليّة والفاطميّة والزيديّة وغيرهم؟!! إنّه منهج تيميّ طُبعت قلوبُهم وقُفلت عقولهم عليه، فأين المفرّ يا أمّة الإسلام؟! …}}.
فهذا هو منهج وفكر التيمية وشيوخهم وأئمتهم, فمع وجود هكذا فكر هل يتوقع أحد أن تنتهي التنظيمات الإرهابية وتزول فقط بالحرب العسكرية والإستخباراتية ؟ كم من الأرواح ستزهق ؟ كم من الأعراض ستستباح ؟ كم من المقدسات ستنتهك ؟ كم من المدن ستدمر ؟ كم من الأموال ستبذل ؟ كل ذلك سيستمر ويستمر كما قلنا ستبقى حرب أزلية مع الإرهاب إذا لم يُعالج الفكر التكفيريّ ومنبعه.