من خلال الواقع الذي تعيشه معظم شعوب المعمورة فالثابت أن جميع القيادات السياسية القائمة على إدارة شؤون بلدانها ليست ملمة تماماً بأمور الدين وتعاليم و شرائع الديانات التي تعتنقها و تقدم لها فروض الطاعة و الولاء فكان هذا السبب الأول في دخول كل بلدان العالم في دهاليز الفساد و غياهب الإفساد ، و كذلك وهو الأهم من سابقه التأثير الكبير و الهيمنة الشاسعة التي يمارسها وعاظ السلاطين من أئمة ضلالة الذين يتسترون بلباس القديسين و ينثرون على أنفسهم مختلف العناوين المؤججة للعواطف و الأحاسيس و التي تثير في المقابل جانب الميول المذهبية المقيتة فتجعله ينقاد لها وبكل إخلاص و مقدماً العاطفة على العقل مما جعل الرموز السياسية تحت سطوة رجالات الدين الذين لا همَّ لهم سوى ديمومة واجهاتهم المزيفة و امتلاء جيوبهم بأكبر قدرٍ من السحت و الحرام فاستملكوا البلدان و الأمصار و رقاب المسلمين فكانوا لقمة سائغة للشيطان و حباله الغليظة.
و بسبب فتاويهم و تشريعاتهم الجهنمية فقد أشاعوا مختلف مظاهر الخلاعة و المثلية و أعياد المنكر و الفحش و الفجور فكانت سبب بلاءنا و السكين التي ذبحت شبابنا نساءنا في شتى أرجاء المعمورة و خاصة الشعوب الإسلامية التي أصبحت أكثر عرضةً لفتاوى التكفير و الإرهاب المجرم بالأمس أو اليوم فلا فرق بينهما لان الهدف واحد و المصدر واحد لهذا الأسلوب الوحشي في القتل و زهق الأرواح و انتهاك الأعراض و المقدسات فكان دين و معتقد داعش و أئمتهم و خاصة في عهد القائد العربي و الفاتح الإسلامي صلاح الدين الأيوبي فقد جاء في الكامل لابن الأثير (9/447) ما مفاده ( فقال –أي صلاح الدين –و الله الحق بيدك و أن الأمر كما تقول ، و لكن هذا الرجل دخل عليَّ و تمسك بي و يقبح بي تركه لكنك أنت اجتمع به و أصلح الحال بينكم على ما تحبونه و أنا اعينكم عليه و اقبح فعله عنده ) فمن خلال ذلك الحوار بين القائد الأيوبي و الرسول نستطيع أن نرسم لوحة مشرقة عن حكمة هذا القائد و مدى رغبته في إقامة الصلح و نبذ الخلاف بين الطرفين ، بالإضافة إلى ركونه إلى تشريعات السماء في المرأة و حقوقها بوجوب إنصافها و عدم هجرها و تركها كالمعلقة لذلك جنح صلاح الدين إلى الصلاح و الإصلاح و وكما يُقال في المثل العربي إعادة المياه إلى مجاريها بين جميع الأطراف المتنازعة وهذا ما علق عليه رجل الدين الشيعي الصرخي الحسني في محاضرته (25) من بحثه الموسوم وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الاسطوري بتاريخ 13/3/2017 فقال الداعية الإسلامي الصرخي : (( لاحظ مباشرة استجاب لذلك أقول احتمل بل ارجح أن ما يصدر من صلاح الدين من مواقف فيها مخالفة للشرع و للأخلاق فهي ليست من صلاح الدين ومن ذاته ، لاحظ كيف هذا الامير حرَّك النخوة و الشهامة عند صلاح الدين لكن يوجد الشيطان ممَنْ يؤسس للأمراء و للحكام ، يوجد أئمة الضلالة ، يوجد الدواعش ، يوجد النهج التيمي ، هو الذي يكفر الاخرين ، هو الذي يدفع الحاكم و الامير إلى سفك الدماء ))
كاتب عراقي