ما الذي نحتاجه كي نكون أكثر قدرة على العبور بوطننا في هذه المرحلة إلى آفاق جديدة ، نرى رؤية العين طاقة النور التي تستشرف مستقبلا واعداً لاقتصادنا الوطني؟!.
ما الذي ننتظره كي نكون على يقين بأن حربنا على الإرهاب في سيناء سوف تنتهي بنصر حاسم يوقف هذا الاستنزاف المتزايد لأرواح المصريين وطاقاتهم،وأن معاركهم المتواصلة مع جماعاته على مدار الساعة تزيد من قدرتهم على اجتثاث جذور الإرهاب،وأن أرواح هذه الأعداد المتزايدة من الشهداء لن تذهب هدراً وسوف يكون ثمنها تحطم الإرهاب على صخرة المقاومة لأن الإرهاب يفقد كل يوم مساحات من ارض المعركة لا يستطيع استعادتها ويواصل انحساره؟!.
وأخيراً كيف ننجح في الحفاظ على الصمود الوطني في مواجهة هذه المصاعب والأخطار،نحمي جبهتنا الداخلية من دعاة الإحباط الذين توظفهم قوى الشر من أجل إشاعة اليأس وتفكيك عرى الداخل إذا طال أمد المعركة؟
نأخذ بالاعتبار أن قوى الشر ممثلة في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها في الداخل وأربابها في الخارج تتصور وهماً أو حقيقة أن تزايد المصاعب الاقتصادية وثقل وطأتها علي الفئات الأقل قدرة يمكن أن يسهم في تغيير موازين القوة على ساحة المعركة إذا زاد ضجر هذه الفئات إلى حد يصعب احتماله.
قد لا نستطيع أن نقول على وجه اليقين متى يتم اجتثاث جماعات الإرهاب رغم شواهد كثيرة تؤكد أننا على الطريق الصحيح نستشرف،وان الإرهاب يتلقى كل يوم ضربات موجعة وانه في الطريق إلى الانحسار إضافة إلى متغيرات أساسية أخرى تتعلق بالمناخ الدولي يعرف الجميع آثارها المباشرة على أوضاع مصر الداخلية، لعل أهمها وجود إدارة أمريكية جديدة ربما يأخذ الكثيرون عليها تقلب بعض سياساتها ومصاعب استقرار بعض شخوصها.
لكنها باليقين تشكل متغيراً أساسياً في العلاقات الأميركية المصرية،أنهى فترة انعدام الثقة بين البلدين التي بلغت حد تناقض المصالح على عهد إدارة الرئيس السابق أوباما، وتمثلت نتائجها الجديدة في استئناف واشنطن لبرنامج المساعدات العسكرية لمصر يشمل كل الأسلحة التي تعاقدت مصر على وصولها دون نقص في حدود 1.3مليار دولار في العام كما يتمثل في فتح أبواب جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين أغلقتها إدارة اوباما.
وما حدث مع الولايات المتحدة بصورة علنية واضحة مع معظم دول أوروبا التي تعرف عن يقين أن الأمن الأوروبي يرتبط بأمن البحر الأبيض المتوسط وأمن شمال أفريقيا،وان مصر هي رمانة الميزان في أمن هاتين المنطقتين اللتين تمثلان بعداً استراتيجياً للأمن الأوروبي لا يمكن إغفاله، دليلي على صحة ذلك الزيارة المهمة التي قامت بها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لكل من مصر وتونس قبل أن تشد الرحال في زيارة ذات طبيعة إستراتيجية للولايات المتحدة تلتقي خلالها مع الرئيس ترامب.
ومن ثم يصبح المطلوب الآن أن نكون أكثر تفاؤلاً بالغد وأكثر قدرة على تخطي المصاعب،ليس لأن الشمس سوف تشرق غداً من جديد ولكن لأن الإرادة باتت أكثر قدرة على التحكم في مسار عملية الإصلاح الاقتصادي وأكثر ثقة في الوصول إلى سعر عادل للعملة رغم الارتفاع الطارئ الذي أعاد سعر الدولار إلى إدراجه الأولى.
لكنه سوف يهبط من جديد،وأكثر قدرة على إعادة تحويلات المصريين الدولارية للعاملين في الخارج إلى البنوك المصرية بدلاً من تجار العملة،وأكثر جذباً للاستثمارات الخارجية واطمئناناً لتزايد حجم احتياطات النقد الأجنبي التي تتصاعد أرصدته في البنك المركزي لتصل الآن إلى حدود 27مليار دولار وأشد قرباً من احتمالات عودة السياحة.
بسبب هذه التغيرات الحيوية سارعت المكاتب والهيئات الاقتصادية المحايدة إلى إعلان تفاؤلها بمستقبل الاقتصاد المصري في المدى الزمني المنظور في تقارير عالمية نشرتها الفينانشال تايمز والايكونومست وغيرهما من الصحف الاقتصادية العالمية التي تحرص على مصداقية كل خبر تنشره.