إخلاء سبيل الرئيس الأسبق حسنى مبارك أمر متوقع.. وطبيعى بعد سلسلة الأحكام بالبراءة فى قضية قتل متظاهرى 25 يناير.. هذه القضية التى أريد أن تنتهى بهذه الطريقة منذ أن تم التحقيق فيها.. وكل ما حدث أن تم الزج بالرئيس الأسبق إلى السجن لتهدئة الرأى العام فقط لا غير.
ولأن ما شهدته مصر فى الفترة من 25 يناير 2011 وحتى عام 2013 من أحداث، سواء يوم نهب مصر فى 28 يناير وفى المذابح المتكررة سواء فى البالون أو محمد محمود أو التحرير وغيرها يحتاج إلى أن نعرف من وراء كل هذا؟ خاصة أن النيابة العامة عجزت عن حل لغز مقتل متظاهرى ثورة يناير وحكم النقض خير دليل على ذلك الفشل.
كما أن جميع لجان تقصى الحقائق التى شكلت لم تصل بنا إلى نتيجة حتى نفهم ماذا حدث وكيف حدث ومن وراء من حدث وما الأدوات التى استخدمت فى قتل شباب خرج ينادى بالحرية والعدالة الاجتماعية؟ إلا أن هذه اللجان وأعتقد أنها 4 لجان لم تنته لنتيجة محددة بل زاد الأمر غموضاً بل يمكن أن تكون ساعدت فى طمس أدلة مهمة تؤدى بنا إلى من وراء قتل الشباب فى 25 يناير وغيرها من أحداث تتالت بعد ذلك.
كل ما نريد أن نعرفه هو: من وراء هذه المجازر؟ الذى راح ضحيتها مئات الشباب وأدت إلى إصابة العشرات منهم بإصابات دائمة حتى يتأكد الناس أن جهات التحقيق جادة فى محاسبة مرتكبى هذه المجازر.
براءة «مبارك» ورجاله التى تتوالى تؤكد أن هناك خللاً فى كل الإجراءات التى اتخذت من أجل محاكمتهم من البداية وأن النية كانت تتجه إلى السيناريو الذى انتهت فصوله منذ أيام قليلة ببراءة كل من زكريا عزمى ثم إخلاء سبيل مبارك.
وحتى نعرف ماذا حدث يجب أن يسارع البرلمان إلى احترام الدستور وإصدار قانون للعدالة الانتقالية لأن هذا الملف أغلق قضائياً بالضبة والمفتاح إلا إذا ظهرت أدلة جديدة ووقائع ومعلومات تؤكد أن من قتل المتظاهرين ومن كان وراء المذابح المتتالية عناصر أخرى داخلية أو خارجية غير من قضى ببراءتهم فيها.
وحتى تظهر هذه القضية نحتاج إلى مثل هذا القانون وتشكيل لجان الحقيقة والمصارحة وأن تقوم هذه اللجان بالاستماع إلى كل الشخصيات التى كانت فى السلطة قبل وبعد 25 يناير وكل من شهد فى هذه القضايا وكل المسئولين ويمكن من خلالها أن نعرف من وراء ما حدث خاصة أن لن يتم عقاب من يعترف أو يقدم معلومات جديدة وهو ما يتم الآن فى تونس وتم فى السابق فى المغرب.
فقانون العدالة الانتقالية سيكون الأداة المناسبة لكشف حالة الغموض التى تكتنف أياماً مرت بها مصر تقريباً 3 أعوام من الدم فى شوارعها، كما أن صدوره يؤكد أن البرلمان والسلطة عازمة على كشف الحقائق للشعب المصرى الذى هو دستورياً مصدر السلطات، فقانون العدالة الانتقالية هو الأولية التشريعية الآن بدلاً من قوانين تعود بنا للوراء، مثل قانون الهيئات القضائية وقانون الجمعيات الأهلية وقانون العمل الموحد، فكلها قوانين تريد العودة بمصر للخلف.
فنحن لا نريد أن نترك تلك الحقبة للتاريخ يكتبه كل طرف بوجهة نظره ويكيل الاتهامات إلى الطرف الآخر، فقد انتهى دور القضاء فى قضية قتل المتظاهرين، وجاء الآن دور قانون العدالة الانتقالية ولجان الحقيقة والمصارحة حتى نعرف من وراء ما حدث فى مصر؟