حينما يتجاوز الرجل الثلاثينيات من عمره ويدخل الأربعينيات نقول إنه الإنسان الناضج والكامل لا بل هو في ربيع عمره أما حينما تجتاز المرأة عتبة الثلاثينيات من عمرها نقول إنها دخلت خريف العمر وفاتها القطار!!!
تناقض آخر لمنظومة أفكارنا ونظرتنا للأشياء نحدد عبره للمرأة قطاراً يتجاوزها في عمر معين لتصبح على قارعة الطريق فلا تجد في الحياة مشاركة أو تفاعل، بل تتحول إلى مشاهدة وحدث، فيقال عنها الكثير وتبقى محط استفهامات وتساؤلات ونظرات الجميع، أما الرجل فإنه القطار الذي يتجاوز كل القوانين بما فيها البيولوجية.
كلنا يعي إن العنوسة كانت ولازالت ظاهرة اجتماعية ولكنها تحولت إلى أزمة مستفحلة في مجتمعاتنا الشرقية رغم الكم الهائل من الموروث الديني والثقافي الذي يعمل على منع ظهور هذه الظاهرة ولكن ثمة عادات وعقلية متخلفة وشروط شكلية كثيرة دخلت على الخط فغيرت مسارات كثيرة نحو الاتجاه المعاكس ونتساءل:
هل من عمر زمني معين حتى يقال إن المرأة أصبحت عانسا؟ ما هي العنوسة أساساً؟ ما هي أسبابها ونتائجها الإنسانية على صعيد الفرد وتأثيره بالتالي على عموم المجتمع؟
يقال عادة عن الفتاة التي تتأخر في السن دون زواج بأنها عانس عموماً ولا يمكن تحديد سن معينة لمرحلة العنوسة لاختلافها في المجتمعات حسب تكوينها الثقافي وعاداتها، هنالك شبه إجماع على اعتبار سن 35 وما بعدها سنا للعنوسة حيث تعيش الفتاة ظلال الحياة وظلها ناهيك عن تأثيراتها الحالة النفسية والاجتماعية والتي بدت أكثر من تأثيرات ظاهرة وسلبية في السنوات الأخيرة وذلك على خلفية أسباب وعوامل كثيرة.
وثيقة لتحديد “مهور الزواج” في جدة
وجه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، محافظي محافظات المنطقة بعقد لقاء عاجل بشيوخ القبائل لإعداد وثيقة لمعالجة ارتفاع المهور والحد من الإسراف في مناسبات الزواج.
وجاء في نص البرقية التي وجهها أمير منطقة مكة المكرمة للمحافظين أنه عطفاً على ما لوحظ في الآونة الأخيرة من غلاء في المهور عند بعض الأسر ما أسهم في ارتفاع معدلات العنوسة، فإن الأمر يستدعي التقاء محافظي المنطقة بشيوخ القبائل لسنّ وثيقة تحديد مهور الزواج، يتم تصديقها من محاكم المحافظات، والرفع بها لأمير المنطقة.
وحدد توجيه الموجه للمحافظين مهر العروس البكر بــ50 ألف ريال، و30 ألفاً للثيب.
يذكر أن دراسة سعودية صدرت أخيرا أشارت إلى ارتفاع نسبة العنوسة في المملكة العام الجاري إلى 4 ملايين فتاة، مقارنة بقرابة 1.5 مليون فتاة في عام 2010، في وقت أرجع اختصاصيون اجتماعيون ارتفاع النسبة إلى غلاء المهور وتكاليف الزواج الباهظة.
إنشاء صندوق الزواج ودعم الدولة المادي لحفلات الزواج الجماعية مؤخرا بادرت بعض الفعاليات الاجتماعية إلى هذا النوع من الزواج لتخفيف أعباء الشباب حين الزواج وبالتالي فتح الباب أمام هكذا مساهمات تدفع الشباب للزواج وتقلل نسبة العنوسة.
نسب العنوسه تقريبياً في جميع الدول العربية:
البحرين 25%،اليمن 30%،ويأتي الكويت،قطر،ليبيا 35%،والمغرب ومصر40%، والسعودية والأردن 45%،الجزائر51%،وتونس62%،والعراق وسوريا70%،والإمارات العرابية 75%،وتأتي العنوسه في لبنان بنسبة 85%.
أسباب انتشار ظاهرة العنوسة في مجتمعاتنا:
العامل الاقتصادي: حيث يعتبر هذا العامل جذر التأثير في أية علاقة إنسانية إن لم نقل انه المُحَدِد الأهم في شبكة العلاقات بين الأفراد والأمم والعامل الاقتصادي يؤثر في قرار الرجل من ناحية قدرته على تحمل مصاريف المهور العالية والقدرة على بناء عائلة وإنجاب الأطفال، إن ارتفاع الأسعار على الصعيد العالمي وخاصة في مجتمعاتنا وبالتحديد أسعار الأراضي والبيوت والإيجارات والأثاث ضاعف من تأثير الجانب الاقتصادي برفع نسبة العنوسة فعلى سبيل المثال ارتفاع ثمن الإسمنت 50% عام 2006 في سوريا أدى إلى رفع أسعار السكن أكثر من 100%.
العامل السياسي الحروب والصراعات: تؤكد الإحصائيات إن عدد الولادات وبالذات الذكور يرتفع مع كل حرب تشهده البشرية في عملية طبيعية لحفظ التوازن الطبيعي للسكان وبالذات في مجال التوازن الجنسي وكذلك يرافق كل حرب انتشاراً كبيراً لظاهرة العنوسة وخلق أشكال جديدة لها، فالحرب كونها أم الأزمات وبالذات الاقتصادية تخلق الجانب الاقتصادي وتبعد الشباب عن المجتمع إلى ساحات غير إنسانية تمارس فيها عمليات القتل المجاني الذي يؤدي إلى خلق الأرامل وهي أشكال جديدة للعنوسة، ويمكن اعتبار الحرب كونه امتداد عنفي للسياسة عامل مركب في خلق الظاهرة والأكثر وضوحا في ملاحظتها فعلى سبيل المثال ونتيجة للحروب التي شهدتها وشنها العراق زمن نظام الرئيس السابق صدام حسين انتشرت العنوسة لتبلغ 85% ممن بلغن سنة الزواج وتجاوزن عمر 35 سنة
العامل الاجتماعي: يمكن اعتبار العامل الاجتماعي أحد الأسباب المؤثرة في شيوع الظاهرة فعلى سبيل المثال ظاهرة قيام الأسرة المصرية بتجهيز البنت للزواج وعدم قدرة العائلة على المصاريف يمثل أحد أسباب انتشار العنوسة في مصر وانتشار ظاهرة عدم تزويج البنت الصغرى قبل الكبيرة في المجتمعات العربية شكل آخر من أشكال المحددات الاجتماعية ويمكن اعتبار انتشار التعليم وإكمال المرأة لمستويات عليا من التعليم احد أسباب تأخر زواجها والغريب إن ارتفاع مستوى المرأة علميا ومهنيا يؤثر في تأخر زواجها في مجتمعاتنا.