فرنسا 24
نفى الصحفيان الفرنسيان إريك لوران وكاترين غراسييه، المتهمان بالسعي لـ”ابتزاز” ملك المغرب محمد السادس، أن يكونا قد طرحا صفقة مالية قيمتها ثلاثة ملايين يورو على ممثله هشام نصيري لقاء تخليهما عن نشر كتاب كانا بصدد إعداده يتضمن معلومات قد تضر بالملك نفسه وبعائلته. وأكد الصحفيان أنهما “وقعا في فخ” وأن القصر أراد”المساس بكرامتهما” و”بسمعتهما المهنية”.
قال إريك لوران، الصحفي الفرنسي المتهم بمحاولة “ابتزاز” الملك محمد السادس في حوار خاص مع جريدة “لوموند” الفرنسية نشر الأحد “أتحدى ديبون موريتي، وهو محامي الملك محمد السادس، أن يقدم ولو دليلا واحدا، يثبت أنني الأول من طلب من القصر الملكي دفع ثلاثة ملايين يورو مقابل التخلي عن إصدار الكتاب أو أنني حاولت ابتزاز الملك أو تهديده”.
وقدم الصحفي الفرنسي روايته في ما يخص هذه القضية قائلا “لقد طلبت في 23 يوليو/تموز الماضي من منير المجيد، المستشار الشخصي للملك، أن يؤكد لنا بعض المعلومات التي كنا نحقق بشأنها لنشرها في الكتاب. لكن عوض أن يقدم هذه المعلومات، تلقيت مكالمة من القصر الملكي ومن شخص يدعى هشام نصيري دعاني فيها إلى الانتظار إلى غاية عودته من اليابان ليقدم لنا تلك المعلومات”.
الكتاب يحتوي على معلومات خطيرة بإمكانها زعزعة العرش الملكي
وكما كان مقررا، يضيف الصحفي إريك لوران، التقى بالمستشار الملكي في 11 أغسطس/آب في فندق باريسي فخم. فيما اقترح عليه هذا الأخير منحه ثلاثة ملايين يورو مقابل وقف إصدار هذا الكتاب والكشف عن مصادره. “طبعا، لقد رفضت كشف المصادر التي قدمت لنا المعلومات” يقول إريك لوران ، مؤكدا أن المبادرة القاضية بتقديم أموال مقابل وقف نشر الكتاب، لم تأتي منه أبدا ولا من زميلته كاترين غراسييه، بل من منير المجيد، المستشار القانوني للملك محمد السادس.
وفي سؤال لماذا قبلت الدخول في مثل هذه الصفقة مع القصر الملكي المغربي، أجاب الصحفي الفرنسي أن الكتاب الذي كان في صدد إصداره يحتوي معلومات خطيرة جدا وبإمكانها أن تزعزع العرش الملكي. وهذا ما جعله يقبل اقتراح المستشار القانوني للملك مقابل وقف نشره من جهة وخشية منه أن يتحول المغرب إلى جمهورية إسلامية من جهة أخرى حسب تعبيره. وأضاف أنه وقع ضحية “مكيدة” نصبها له القصر الملكي لكي “يطيح به” و”يشوه سمعته المهنية”.
شعرت كأنني في وضع يشبه وضع بن بركة
وحول مضمون الكتاب، كشف إريك لوران أنه يتحدث عن الصراعات المتواجدة داخل العائلة الملكية الحاكمة وعن الأموال الباهظة التي تبذرها، إضافة إلى معلومات أخرى تخص الملك الحسن الثاني. واعترف الصحفي الفرنسي أنه كان يشعر بالخوف عندما بدأ تدوين الكتاب وكان يتساءل دائما عن “العواقب” التي يمكن أن تترتب عنه.
وفي ما يخص تفاصيل توقيفه، شرح إريك لوران أنه شعر بالخوف عندما استقل سيارة الشرطة وهي تتجه إلى مطار أورلي. “شعرت أنني في وضع يشبه وضع المعارض المغربي بن بركة الذي اختطف في تشرين الأول/أكتوبر 1965 بباريس والذي لم يعثر عليه لحد الآن. كنت أخشى أن يتم إرسالي مباشرة عبر طائرة إلى المغرب”.
وتأسف قائلا “المغرب يواصل استعمال الأراضي الفرنسية من أجل أعمال دنيئة. في السابق كان النظام يصفي جسديا معارضيه، أما اليوم فهو يحاول أن يمس بسمعتهم المهنية وكرامتهم”.
لقد تعرضت إلى ضغوطات وإلى تهديدات
من جهتها، أكدت كاترين غراسييه في حوار مع جريدة “لوبارزيان” أنها لم تنو أبدا “ابتزاز” الملك محمد السادس، بل وقعت في “فخ” نصبه لها القصر الملكي كونها معارضة له.
وقالت إن القصر الملكي هو الذي عرض الصفقة المالية عليهما، مضيفة أنها تقوم منذ عشر سنوات بتحقيقات حول المغرب وتعيش تحت ضغط الأجهزة الأمنية المغربية. وواصلت “لقد بدأت عملي الصحفي في جريدة معارضة للقصر وشاركت في كتابين، أحدهما يندد بسطو الملك على الاقتصاد المغربي وعلى ثروات البلاد. لقد تعرضت إلى ضغوطات وإلى تهديدات بالقتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي كما تعرضت العائلات والشهود الذين التقيت بهم إلى ضغوطات من طرف أجهزة الأمن المغربية”.
وبخصوص محتوى الكتاب، أكدت الصحفية أن محتواه سيفجر قنبلة، إذ يتحدث عن العائلة الملكية وشجاراتها الكثيرة وحول الأموال الباهظة التي تصرفها، منوهة أن التحقيقات كانت شاقة ومتعبة ليس لهما فحسب بل حتى بالنسبة لمصادرهما.
وبشأن المكالمات الهاتفية مع القصر الملكي، أضافت كاترين غراسييه أن هدفها التحقق بشأن بعض المعلومات التي كانت ستنشر داخل الكتاب، موضحة أن تقديم ثلاثة ملايين يورو مقابل وقف نشر الكتاب كانت مبادرة جاءت من المستشار القانوني للملك وليس من زميلها إريك لوران.
العملية مدبرة وسننشر الكتاب قريبا
أما عن دوافع مشاركتها في الموعد الثالث الذي جرى في فندق فخم بباريس بين الصحفي إريك لوران ومستشار الملك، قالت كاترين غراسييه أنها كانت تريد فقط أن تتأكد بأن ممثل للملك كان حاضرا شخصيا في هذا الموعد الذي غالبا ما يحضر فيه أفراد من الاستخبارات ورجال الأمن حسب اعتقادها. مؤكدة أنها المرة الأولى التي تلتقي بمحامي الملك طيلة عشر سنوات من التحقيقات حول المغرب.
وأقرت كاترين غراسييه أنها وقعت مع زميلها إريك لوران على برتوكول الاتفاق بينهما وبين ممثل محمد السادس في وقت كانت تشعر بضعف من الناحية النفسانية، وحاولت الدفاع عن نفسها بالقول إنها “إنسان مثل باقي الناس وكل شخص يمكن أن يمر بلحظات ضعف ويتساءل ماذا يمكن أن يفعل بثلاثة ملايين يورو” حسب تعبيرها.
وشددت أن القصر الملكي هو الذي اقترح هذا الاتفاق وليس هي أو زميلها، معترفة في نفس الوقت أن سلوكها غير مهني ومنبوذ من الناحية الأخلاقية، لكن ليس من الناحية الجزائية أو القانونية كون أن الصفقة موقعة من طرف جهتين خاصتين.
وعندما ألقت الشرطة عليها وفي يديها مبلغ مالي كبير، أكدت كاترين غراسييه أن العملية كانت مدبرة ومخطط لها، لكن رغم ذلك أقسمت بنشر الكتاب قريبا.