اخترنا لكنون والقلم

لعب الأسد وإيران بورقة الإرهاب إذ يقترب من نهايته

في مداخلات كثيرة، كرّر رئيس النظام السوري ومسؤولون إيرانيون وقادة ميليشيات عراقية وميليشيات حوثية يمنية أنهم يحاربون الإرهاب، وكانوا في ذلك يطلقون إشارات ورسائل إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأنهم في الخندق ذاته. واستخدم بشار الأسد مقابلات مع إعلاميين أجانب لمخاطبة الرئيس دونالد ترامب مباشرةً، والقول أن نظامه يمكن أن يتعاون مع إدارة ترامب إذا كان الأخير عازماً على محاربة الإرهاب، أي أن ترامب يحتاج إلى تأهيل كي يستحق تعاون الأسد معه. وفي الاتصالات بين الولايات المتحدة وروسيا كان رفض الأميركيين التنسيق مع النظام السوري معوّقاً للتعاون بين الدولتَين الكبريين، فالأميركيون جنّدوا الأكراد لمقاتلة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لقاء دعم طموحاتهم القومية المتأرجحة بين التفدرل والانفصال، في حين أن الروس لا يملكون مقاتلين على الأرض ويطالبون بإشراك النظام لكنهم يعلمون أن عنوان «قوات الأسد» ينطوي حتماً على وجود قوات لإيران أو تابعة لها.

خلال عهد إدارة بارك أوباما كان هناك نهج مسايرٌ إلى حد التواطؤ مع إيران، وأمكن طهران أن تدفع بالتقارب الضمني مع واشنطن إلى قبول أميركي غير معلن بدور لأتباع إيران في «تحرير» المحافظات العراقية، وصولاً إلى مشاركة ميليشيات «الحشد الشعبي» في معركة الموصل. في الفترة ذاتها كان هناك تغاضٍ أميركي – روسي مشترك عن التقارير الاستخبارية التي تحدّد أدوار الدول والأجهزة في تفعيل «داعش»، ومنها خصوصاً النظامين السوري والإيراني. وعلى رغم الاشتباه بأدوار لدول أخرى إقليمية إلا أن الوقائع على الأرض لم تسجّل أي تناغم بينها وبين «داعش»، إذ كرّس التنظيم كل تحرّكاته وانتشاراته لاختراق مناطق سيطرة المعارضة السورية وإضعاف فصائلها المقاتلة، ومنها تحديداً «الجيش السوري الحرّ». وفيما خاض «داعش» معارك قاسية مع «قوات الأسد»، خلال سعيه إلى توسيع انتشاره بحثاً عن موارد لـ «دولته» المزعومة، لم يمنعه ذلك من التنسيق مع النظام في مناطق عدة قريبة من دمشق أو أخيراً في محيطَي الباب ودرعا. غير أن التنظيم لم يتعرّض إطلاقاً لميليشيات إيران، فلا هو استهدفها ولا هي قاتلته على رغم ما تلهج به أبواق إعلامها.

كل الدول مهمومة بمواجهة الإرهاب، وتنفرد الولايات المتحدة بجعلها من الأهداف الرئيسية لاستراتيجيتها الدولية ومطاردتها المستمرّة لتنظيم «القاعدة»، من دون نسيان مسؤوليتها في نشوء الإرهاب في أفغانستان خلال ثمانينات القرن الماضي. أما إيران فانفردت بهندسة الإرهاب وتوظيفه جزءاً محورياً من استراتيجيتها للهيمنة على العراق وسورية واليمن. ففيما تبنّى نظام الأسد باكراً رواية المواجهة بينه وبين «إرهابيين» قبل زمنٍ من ظهور الإرهابيين الحقيقيين في سورية، كان نظام نوري المالكي يُرجع الصدى لهذه الرواية في تعامله مع اعتصامات المحافظات السنّية في العراق، وبعدما نفّذ الحوثيون انقلابهم على الحكومة الشرعية راحت خطب زعيمهم عبدالملك تروّج لدورٍ لجماعته في محاربة الإرهاب، وفي غضون ذلك كان الأمين العام لـ «حزب الله» الناطق شبه الرسمي باسم المرشد الإيراني يركّز خطبه على خطر «التكفيريين» وعلى قتالهم كـ «واجب جهادي»، بل إن حسن نصرالله أنذر مراراً بأن الاستيلاء على مكة المكرمة هدف لـ «الدواعش». في الحالات الأربع كانت هناك مخاطبة لأميركا بأن مصالحها توجد في كنف أتباع إيران، حتى لو كانت مرفقة بهتافات «الموت لأميركا ولإسرائيل» ولغيرهما.

نظراً إلى السيطرة الإيرانية الكاملة على القرار في بغداد بدا طلب حكومة المالكي مساعدة واشنطن ضد «داعش» مستهجناً، على رغم الاتفاق بين الدولتين، لكن هذه الخطوة جاءت في السياق الإيراني تماماً، لأن «داعش» وُجد لهذا الغرض، اجتذاب أميركا. وبعدما قرّرت واشنطن الاستجابة حددت أمرين: الحاجة إلى حكومة جديدة بمواصفات «وحدة وطنية» فأطيح المالكي، والحاجة إلى قوات برية ما يتطلب إعادة تأهيل الجيش الذي أسسته أثناء احتلالها العراق ووجدته فاقداً الأهلية للقتال. كان المالكي سهر شخصياً على تهميش الجيش وتسهيل إنشاء الميليشيات بتدريب إيرانيين وتسليحهم، وهذه الميليشيات هي التي شكّلت فور سيطرة «داعش» الجسم الرئيسي لـ «الحشد» وصُوّرت كأنها استجابة شعبية عفوية لنداء المرجع السيد علي السيستاني، ليصبح اسم «الحشد» لاحقاً عنواناً لتفريخ مزيد من الميليشيات. وكان الهدف منها إيجاد رديف للجيش وفرضه كأمر واقع لسدّ الحاجة الأميركية إلى قوات برية. وعلى رغم اعتراض الجنرالات الأميركيين وانتقاداتهم سلوكيات «الحشد»، إلا أنهم لم يتمكنوا من استبعاده عن المعارك، إذ إنه يشارك اليوم في الموصل ولا يغيب عن بال أحد في التحالف الدولي كما في حكومة بغداد والجيش والبرلمان أن «الحشد» عقبة كأداء أمام أي تسوية سياسية أو «مصالحة وطنية» مطلوبة بإلحاح لمرحلة «ما بعد داعش».

هذا الإشكال العراقي يوجد في شكل أو في آخر حيثما تدخّلت إيران. إذ تستخدم «حزب الله» لتهميش الجيش في لبنان، ويقول «الحزب» أنه حمى البلد من إرهاب «داعش»، والواقع أنه اجتذبه، بل أدّى خطابه وشحنه المذهبي إلى استفزاز البيئة السنّية كأنه يخيّرها بينه وبين «داعش»، كما أن ممارسته الاغتيالات والترهيب بلغت حدّ تعطيل الدولة بعدما أفسدت الشأن السياسي وتسبّبت في الركود الاقتصادي والاستثماري. أما ميليشيات الحوثي فذهبت أبعد، ففي سعيها إلى السيطرة على السلطة في اليمن قضت على الدولة وفكّكت الجيش ودمّرت الاقتصاد ومزّقت المجتمع، بل دخلت على خط استخدام جماعات الإرهاب عبر مسارَين، أولهما تحالفها مع الرئيس السابق الذي حافظ على خطوط مفتوحة مع البيئة القبلية الحاضنة فرع تنظيم «القاعدة»، والآخر علاقتها مع إيران التي تؤوي فلول هذا التنظيم منذ طرده من أفغانستان وتشرف على روابطه مع فروعه. وإذ دان الحوثيون غارات شنّتها طائرات أميركية أخيراً على مواقع «قاعدية» في اليمن فقد حذّروا من أن هذه الهجمات «لن تؤتي ثمارها المرجوّة» في غياب التنسيق معهم.

وفي سورية، اتّبعت إيران أيضاً سيناريو الاعتماد على الميليشيات مستفيدة من تراجع قوات الأسد وضعفها، وعندما تدخّلت روسيا استنتجت سريعاً ضرورة إعادة تنظيم الجيش وتأهيله بمعزل عن الأسد وحليفه الإيراني. وقد اعتمد الروس أخيراً على الفيلق الخامس الذي أشرفوا على إنشائه في عملية طرد «داعش» من تدمر، بعدما أغضبتهم عودة التنظيم إليها أواخر العام الماضي. ولا يزال الإيرانيون مصرّين على إشراكهم في تحرير الرقّة، معتمدين من جهة على أن «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي تعوّل عليها أميركا ليست كافية وعلى التجاذب الحاصل بين تركيا حول المشاركة الكردية، ومن جهة أخرى على حاجة الروس إلى أدوات على الأرض لتكون لهم كلمة في توزيع الأدوار ورسم الخطوط الحمر للأطراف كافة. وشكّل تسليم «قسد» مناطق أخلاها «داعش» إلى قوات النظام وحلفائه خطوة ذات دلالة بأن الأميركيين (والروس) يريدون إيقاف تركيا عند حدود الباب، لكن قوات النظام وإيران تعتبر أن سيطرتها على تلك المناطق تفتح أمامها الطريق نحو منبج فالرقّة، لكن القرار في هذا الشأن يتوقف أيضاً على الأميركيين (والروس).

في جولة «جنيف 4» للمفاوضات السورية بدّد وفد النظام الوقت بإصراره على أن تكون محاربة الإرهاب بنداً أولاً في أي جدول أعمال، مع علمه بأن المسألة باتت منذ عام 2014 شأناً دولياً، كما أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ذكّره بأن «داعش» و «جبهة» هيئة فتح الشام (النصرة سابقاً) هما الجماعتان الوحيدتان المصنّفتان دولياً إرهابيّتَين. لكن نظام الأسد وحليفه الإيراني استخدما الإرهاب كورقة محورية حققت لهما مكاسب كثيرة ومكّنتهما من التلاعب بطبيعة الأزمة ومن خداع العالم، لذلك، يريدان الاستمرار في تفعيلها لمواصلة الحرب أو على الأقل لإعاقة الحل السياسي أو لإفساد أي حل. لكن التقدّم في الحرب على «داعش»، من اقتحام الموصل إلى محاصرة الرقّة، قد يقرّب انتهاء صلاحية ورقة الإرهاب وبالتالي اللعب بها.

، والقول أن نظامه يمكن أن يتعاون مع إدارة ترامب إذا كان الأخير عازماً على محاربة الإرهاب، أي أن ترامب يحتاج إلى تأهيل كي يستحق تعاون الأسد معه. وفي الاتصالات بين الولايات المتحدة وروسيا كان رفض الأميركيين التنسيق مع النظام السوري معوّقاً للتعاون بين الدولتَين الكبريين، فالأميركيون جنّدوا الأكراد لمقاتلة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لقاء دعم طموحاتهم القومية المتأرجحة بين التفدرل والانفصال، في حين أن الروس لا يملكون مقاتلين على الأرض ويطالبون بإشراك النظام لكنهم يعلمون أن عنوان «قوات الأسد» ينطوي حتماً على وجود قوات لإيران أو تابعة لها.

خلال عهد إدارة بارك أوباما كان هناك نهج مسايرٌ إلى حد التواطؤ مع إيران، وأمكن طهران أن تدفع بالتقارب الضمني مع واشنطن إلى قبول أميركي غير معلن بدور لأتباع إيران في «تحرير» المحافظات العراقية، وصولاً إلى مشاركة ميليشيات «الحشد الشعبي» في معركة الموصل. في الفترة ذاتها كان هناك تغاضٍ أميركي – روسي مشترك عن التقارير الاستخبارية التي تحدّد أدوار الدول والأجهزة في تفعيل «داعش»، ومنها خصوصاً النظامين السوري والإيراني. وعلى رغم الاشتباه بأدوار لدول أخرى إقليمية إلا أن الوقائع على الأرض لم تسجّل أي تناغم بينها وبين «داعش»، إذ كرّس التنظيم كل تحرّكاته وانتشاراته لاختراق مناطق سيطرة المعارضة السورية وإضعاف فصائلها المقاتلة، ومنها تحديداً «الجيش السوري الحرّ». وفيما خاض «داعش» معارك قاسية مع «قوات الأسد»، خلال سعيه إلى توسيع انتشاره بحثاً عن موارد لـ «دولته» المزعومة، لم يمنعه ذلك من التنسيق مع النظام في مناطق عدة قريبة من دمشق أو أخيراً في محيطَي الباب ودرعا. غير أن التنظيم لم يتعرّض إطلاقاً لميليشيات إيران، فلا هو استهدفها ولا هي قاتلته على رغم ما تلهج به أبواق إعلامها.

كل الدول مهمومة بمواجهة الإرهاب، وتنفرد الولايات المتحدة بجعلها من الأهداف الرئيسية لاستراتيجيتها الدولية ومطاردتها المستمرّة لتنظيم «القاعدة»، من دون نسيان مسؤوليتها في نشوء الإرهاب في أفغانستان خلال ثمانينات القرن الماضي. أما إيران فانفردت بهندسة الإرهاب وتوظيفه جزءاً محورياً من استراتيجيتها للهيمنة على العراق وسورية واليمن. ففيما تبنّى نظام الأسد باكراً رواية المواجهة بينه وبين «إرهابيين» قبل زمنٍ من ظهور الإرهابيين الحقيقيين في سورية، كان نظام نوري المالكي يُرجع الصدى لهذه الرواية في تعامله مع اعتصامات المحافظات السنّية في العراق، وبعدما نفّذ الحوثيون انقلابهم على الحكومة الشرعية راحت خطب زعيمهم عبدالملك تروّج لدورٍ لجماعته في محاربة الإرهاب، وفي غضون ذلك كان الأمين العام لـ «حزب الله» الناطق شبه الرسمي باسم المرشد الإيراني يركّز خطبه على خطر «التكفيريين» وعلى قتالهم كـ «واجب جهادي»، بل إن حسن نصرالله أنذر مراراً بأن الاستيلاء على مكة المكرمة هدف لـ «الدواعش». في الحالات الأربع كانت هناك مخاطبة لأميركا بأن مصالحها توجد في كنف أتباع إيران، حتى لو كانت مرفقة بهتافات «الموت لأميركا ولإسرائيل» ولغيرهما.

نظراً إلى السيطرة الإيرانية الكاملة على القرار في بغداد بدا طلب حكومة المالكي مساعدة واشنطن ضد «داعش» مستهجناً، على رغم الاتفاق بين الدولتين، لكن هذه الخطوة جاءت في السياق الإيراني تماماً، لأن «داعش» وُجد لهذا الغرض، اجتذاب أميركا. وبعدما قرّرت واشنطن الاستجابة حددت أمرين: الحاجة إلى حكومة جديدة بمواصفات «وحدة وطنية» فأطيح المالكي، والحاجة إلى قوات برية ما يتطلب إعادة تأهيل الجيش الذي أسسته أثناء احتلالها العراق ووجدته فاقداً الأهلية للقتال. كان المالكي سهر شخصياً على تهميش الجيش وتسهيل إنشاء الميليشيات بتدريب إيرانيين وتسليحهم، وهذه الميليشيات هي التي شكّلت فور سيطرة «داعش» الجسم الرئيسي لـ «الحشد» وصُوّرت كأنها استجابة شعبية عفوية لنداء المرجع السيد علي السيستاني، ليصبح اسم «الحشد» لاحقاً عنواناً لتفريخ مزيد من الميليشيات. وكان الهدف منها إيجاد رديف للجيش وفرضه كأمر واقع لسدّ الحاجة الأميركية إلى قوات برية. وعلى رغم اعتراض الجنرالات الأميركيين وانتقاداتهم سلوكيات «الحشد»، إلا أنهم لم يتمكنوا من استبعاده عن المعارك، إذ إنه يشارك اليوم في الموصل ولا يغيب عن بال أحد في التحالف الدولي كما في حكومة بغداد والجيش والبرلمان أن «الحشد» عقبة كأداء أمام أي تسوية سياسية أو «مصالحة وطنية» مطلوبة بإلحاح لمرحلة «ما بعد داعش».

هذا الإشكال العراقي يوجد في شكل أو في آخر حيثما تدخّلت إيران. إذ تستخدم «حزب الله» لتهميش الجيش في لبنان، ويقول «الحزب» أنه حمى البلد من إرهاب «داعش»، والواقع أنه اجتذبه، بل أدّى خطابه وشحنه المذهبي إلى استفزاز البيئة السنّية كأنه يخيّرها بينه وبين «داعش»، كما أن ممارسته الاغتيالات والترهيب بلغت حدّ تعطيل الدولة بعدما أفسدت الشأن السياسي وتسبّبت في الركود الاقتصادي والاستثماري. أما ميليشيات الحوثي فذهبت أبعد، ففي سعيها إلى السيطرة على السلطة في اليمن قضت على الدولة وفكّكت الجيش ودمّرت الاقتصاد ومزّقت المجتمع، بل دخلت على خط استخدام جماعات الإرهاب عبر مسارَين، أولهما تحالفها مع الرئيس السابق الذي حافظ على خطوط مفتوحة مع البيئة القبلية الحاضنة فرع تنظيم «القاعدة»، والآخر علاقتها مع إيران التي تؤوي فلول هذا التنظيم منذ طرده من أفغانستان وتشرف على روابطه مع فروعه. وإذ دان الحوثيون غارات شنّتها طائرات أميركية أخيراً على مواقع «قاعدية» في اليمن فقد حذّروا من أن هذه الهجمات «لن تؤتي ثمارها المرجوّة» في غياب التنسيق معهم.

وفي سورية، اتّبعت إيران أيضاً سيناريو الاعتماد على الميليشيات مستفيدة من تراجع قوات الأسد وضعفها، وعندما تدخّلت روسيا استنتجت سريعاً ضرورة إعادة تنظيم الجيش وتأهيله بمعزل عن الأسد وحليفه الإيراني. وقد اعتمد الروس أخيراً على الفيلق الخامس الذي أشرفوا على إنشائه في عملية طرد «داعش» من تدمر، بعدما أغضبتهم عودة التنظيم إليها أواخر العام الماضي. ولا يزال الإيرانيون مصرّين على إشراكهم في تحرير الرقّة، معتمدين من جهة على أن «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي تعوّل عليها أميركا ليست كافية وعلى التجاذب الحاصل بين تركيا حول المشاركة الكردية، ومن جهة أخرى على حاجة الروس إلى أدوات على الأرض لتكون لهم كلمة في توزيع الأدوار ورسم الخطوط الحمر للأطراف كافة. وشكّل تسليم «قسد» مناطق أخلاها «داعش» إلى قوات النظام وحلفائه خطوة ذات دلالة بأن الأميركيين (والروس) يريدون إيقاف تركيا عند حدود الباب، لكن قوات النظام وإيران تعتبر أن سيطرتها على تلك المناطق تفتح أمامها الطريق نحو منبج فالرقّة، لكن القرار في هذا الشأن يتوقف أيضاً على الأميركيين (والروس).

في جولة «جنيف 4» للمفاوضات السورية بدّد وفد النظام الوقت بإصراره على أن تكون محاربة الإرهاب بنداً أولاً في أي جدول أعمال، مع علمه بأن المسألة باتت منذ عام 2014 شأناً دولياً، كما أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ذكّره بأن «داعش» و «جبهة» هيئة فتح الشام (النصرة سابقاً) هما الجماعتان الوحيدتان المصنّفتان دولياً إرهابيّتَين. لكن نظام الأسد وحليفه الإيراني استخدما الإرهاب كورقة محورية حققت لهما مكاسب كثيرة ومكّنتهما من التلاعب بطبيعة الأزمة ومن خداع العالم، لذلك، يريدان الاستمرار في تفعيلها لمواصلة الحرب أو على الأقل لإعاقة الحل السياسي أو لإفساد أي حل. لكن التقدّم في الحرب على «داعش»، من اقتحام الموصل إلى محاصرة الرقّة، قد يقرّب انتهاء صلاحية ورقة الإرهاب وبالتالي اللعب بها.

 

 

أخبار ذات صلة

Back to top button